موقع الكاتبة زينب حفني زينب حفني

 

 

﴿  الخروج من قمم الحرملك 

 

هل ساهمت الفنون المتمثلة في السينما والمسرح، وفي مجال القصة والرواية في حصر المرأة في أدوار سلبية ضعيفة ، مما أثر على أدوارها الحيوية في الحياة ، أم أن هذه الفنون ، انعكاس حقيقي وصادق لواقع المرأة الحالي ؟! هل ساهم بعض المفكرين والعلماء بأفكارهم المتجنية في وضع المرأة في أطر مشبوهة ؟! هل ساهمت الإعلانات التلفزيونية في تسخير المرأة للإثارة الجنسية ، لجذب الرجل ، وتشجيعه على شراء السلع المعلنة عنها ؟! وهل ساهمت هذه الإعلانات في تحويل المرأة إلى كائن استهلاكي وتدجين فكره الإنساني ، يغمسه في قوالب التبرج ، والجري خلف أحداث خطوط الموضة ، على حساب تثقيف العقل ؟! وهل شجعت المجلات النسائية الغثة المضمون الصادرة هنا وهناك والتي تزين أغلفتها بالوجوه النسائية الشهيرة ، والجميلة ، في إثارة غرائز الشباب لدفعهم إلى اقتنائها ؟!

وسط كل هذه الطبول التي يصدح ضجيجها حول المرأة للحد من قدراتها ، إلا أنها استطاعت بقوة إرادتها وتصميمها تجاوز الكثير من السلبيات التي المحيطة بها ونجحت في اختراق عوالم متعددة كانت مقتصرة في السابق على الرجل ، وفي إحصائية صدرت مؤخراً بينت أن ثمن البرلمانيين في العالم نساء وأقل إحصائية موجودة في العالم العربي،حيث لا تتعدى نسبتها 3,4 في المائة ،ففي فلسطين المحتلة وصلت (( حسنية جبارة )) إلى تولي منصب نائبة في الكنيست الإسرائيلي وتعتبر أول نائبة من أصل عربي تصل إلى هذا المنصب ، وتعترف بأن زوجها كان وراء تشجيعها ودعمها طوال فترة الحملة الانتخابية،وأجمل عبارة قالتها أن الإسلام أعطى المرأة حريتها واستقلالها.فإذا اتجهنا إلى تركيا بلد العسكر، سنجد أن الشابة (( مروة قاوقجي)) نجحت في الوصول إلى البرلمان كنائبة ، وأثارت غضب العسكر المسيطر على البرلمان نتيجة تحديها لهم في الدخول إلى قاعة البرلمان بحجابها مما أثار حفيظتهم عليها . ورفضهم أداءها لليمين الدستورية وإسقاط عضويتها في البرلمان هذا الموقف الجريء الذي قامت به النائبة التركية يعجز الكثير من الرجال ، عن الوقوف بجرأة في مواقف مماثلة ، أمام تسلط العسكر. وفي الأردن تم تنصيب وزيرة التخطيط الدكتورة      (( ريما خلف )) كأول امرأة تشغل منصب نائب رئيس وزراء ، وإبراز تفوقها في هذا الموقع السياسي الهام بجانب مسؤوليتها الحياتية كزوجة وأم. وفي الهند تقف بصلابة (( سونيا غاندي )) أرملة رئيس الوزراء الهندي الراحل (( راجيف غاندي )) في مواجهة عاصفة المعارضة التي ترفض ترشيحها لمنصب رئاسة الوزراء بسبب أصلها الإيطالي. وفي باكستان تقاوم بجسارة رئيسة الوزراء السابقة (( بنازير بوتو )) تهم الفساد العالقة بها وبزوجها.وفي ماليزيا وقفت طبيبة العيون (( وان عزيزة وان )) زوجة (( أنور ابراهيم )) نائب رئيس الوزراء المخلوع ، تدافع بشراسة عن زوجها ، بالرغم من تهم الشرف المنسوبة إليها. وترأست حزب (( العدل القومي )) الذي أسسته ترسيخاً لمبادئ زوجها. وفي أندونيسيا تزعمت المعارضة الأندونيسية (( ميجاواتي سوكارنو )) والمرشحة لرئاسة الدولة (( الحزب الديمقراطي للنضال )) الذي يعتبر أول حزب ديمقراطي في أندونيسيا منذ عقود طويلة . وفي سلطنة عمان تم لأول مرة تعيين السيدة     (( أصيلة بنت زاهر )) كعضو في مجلس إدارة غرفة التجارة والصناعة بعد حصولها على حق المشاركة في الحياة البرلمانية . وفي دولة قطر سُمح للمرأة مؤخراً الدخول إلى الحياة النيابية . وفي دولة الكويت أعطى أميرها الضوء الأخضر للمرأة في أحقيتها مشاركة الرجل في الانتخابات والتصويت .

كل هذه النجاحات التي بدأت المرأة تحققها اليوم ، توضح بقناعة أن المرأة بدأت تزاحم الرجل في الكثير من المجالات التي كانت حكراً عليه ، وعلى اقتحام المجال السياسي الذي كان محرماً على المرأة الولوج إليه . لكن عالم السياسة ليس غريباً على المرأة كما يعتقد البعض ، ولو رجعنا إلى كتب التاريخ سنجد أن كثيراً من النساء حكمن بلادهن . وكانت الملكة (( بلقيس )) التي ذُكرت قصتها مع النبي (( سليمان )) في     (( القرآن الكريم )) من حنك النساء وأرجحهن عقلاً ، وكان عهد مملكتها من أزهى العصور. وفي عهد الخليفة العادل (( عمر بن الخطاب )) تم توكيل مهمة الحسبة لامرأة . وكانت تقوم بمراقبة الأسواق . وفي العهود الإسلامية الأولى كانت النساء تحكم في شؤون الدولة وكانت(( الخيزران )) أم الخليفة (( المهدي))و (( الرشيد )) من النساء اللاتي تدخلن في مقاليد الحكم .

هذه المواقف الإيجابية في شخصية المرأة، تراجعت في عهد الخلافة العثمانية، التي سجنت المرأة في قلعة       ((الحرملك )) فأصبحت تدير الدسائس والمؤامرات من مخبئها القسري ، مما أدى إلى تغيير كثير من الأنماط الاجتماعية ، التي كانت تتمتع بها المرأة في صدر الإسلام ، وسنت القوانين الرجالية التي حددت لها الشريعة وتقلصت أدوارها ، ما يدفع إلى التساؤل .. هل فتح حوارات فكرية مع المرأة وإعطاؤها حق المشاركة في التنمية العامة ، التي تشمل النواحي السياسية والاجتماعية والاقتصادية من المتطلبات الضرورية أم أن الخوف من هذا الانفتاح سيشكل خطراً على الأخلاقيات الاجتماعية ويدفع المرأة إلى التمرد والتطلع إلى المساواة مع شريكها الرجل في كل الميادين ، وهذا ما يرفضه الكثير من  الرجال ؟! وهل هذه النظرة الضيقة المليئة بالريبة ، هي التي دفعت البعض إلى المطالبة بالحد من تعليم المرأة لأن التعليم العالي عامل قوي في هدم حياتها الأسرية نتيجة لسعيها الحثيث في تحقيق ذاتها ؟!

في مرحلة العصر الزراعي كانت المرأة جنباً إلى جنب مع الرجل ، في كافة الأعمال التي يقوم بها ، ثم مع التطور الحضاري والنمو الاقتصادي تراجع دور المرأة وأضحت العادات والتقاليد هي المسيطرة على فكر المجتمعات بصفة عامة ، فهل كان النفط نعمة أم نقمة ؟! وهل ساهمت الرفاهية والبذخ - كما يدعي البعض في تكبيل عقل المرأة بتعويد جسدها على الخمول والرخو واعتمادها اعتماداً كلياً على الرجل في كل شؤون حياتها ؟!

تحضرني عبارة ل (( قاسم أمين )) بأن القوانين وضعت لأمة حرة ، وأخلاقنا لا تزال أخلاق أمة مسترقة ،   وأننا في دور التمرين على العمل بالأخلاق الحرة . ومن أجمل التعليقات التي قرأتها في تصوير دول العالم      الثالث . أنها تصل إلينا بعد أن يمسكوها في الطريق ليستجوبوها ، وينتزعوا منها اعترافاً ويصوروها 

(( بالفيديو كليب )) راقصة في حانة من الدرجة العاشرة . فهل من أسس الديمقراطية الحقيقية عزل المرأة   أم إفساح المجال لها لممارسة حريتها الفكرية ؟! وهل رجل اليوم راجع حساباته بدقة ، بعد أن أثقله تأنيب   الضمير تجاه ما اقترفه في حقها على مدى العصور أم أنه أعطى ضميره إجازة مفتوحة.

   ﴿﴾

 

الصفحة الرئيسية
CV - السيرة الذاتية
مؤلفات الكاتبة
نصوص ادبية
وجهه نظر
حوارات
البومي
باب الرسائل

 

free html hit counter


جميع الحقوق محفوظة