المرأة الفلسطينية بين فكي المجهول!

المرأة الفلسطينية بين فكي المجهول!

المرأة الفلسطينية بين فكي المجهول!

الجمعة 15/12/2006

 
أثناء مشاركتي منذ عدة أسابيع، في الاحتفال الذي أقامه الاتحاد النسائي الأردني، بمناسبة مرور خمسة وعشرين عاماً على مشاركة المرأة في الحياة النيابية، التقيتُ بالدكتورة لويزة حنون، رئيسة المجموعة البرلمانية لحزب “العمّال” في الجزائر. أخبرتني حينها أنها بصدد التحضير لندوة دولية لنصرة النساء الفلسطينيات. تحمّستُ للفكرة وأعلنتُ على الفور موافقتي للحضور والمشاركة لأسباب عديدة. من ناحية أولى، لأن قضية المرأة الفلسطينية تهمنا جميعا كنساء عربيات. ومن جهة ثانية، لحرصي على الاطلاع عن قرب على تجربة المرأة الجزائرية، التي حققت خطوات ناجحة في بلادها على المستويين الاجتماعي والسياسي، والتي تُعتبر تجربتها متقدمة مقارنة بتجربة المرأة في البلدان العربية الأخرى، باستثناء التجارب الخليجية التي ما زالت في طور التحديث! كما أن السيدة حنون، أول سيدة عربية على مستوى العالم العربي، تُرشّح نفسها لرئاسة الجمهورية عن استحقاق وجدارة وصفات في شخصيتها لا تتوفر لدى الكثير من أخواتها العربيات. ومن جهة ثالثة، لهفتي لمعاينة الواقع السياسي في الجزائر عن كثب، بعد نجاح الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة بحكمته السياسية، وبُعد نظره، في إخراج الجزائر من نفق المجازر اليومية، التي عانى منها الشعب الجزائري طويلاً.
 
عندما حطّت الطائرة على أرض المليون وثلاثين ألف شهيد، والسيارة تأخذني إلى مقر إقامتي، تعلّقت عيناي بالمباني المتواجدة على جانبي الطريق، ذكرتني مبانيها الأثرية بباريس من حيث الطراز، وهذا ليس بمستبعد على بلد حاول الاستعمار الفرنسي على مدى أكثر من قرن، أن يطمس هويته العربية ويحوله إلى مستوطنة فرنسية، لكنه بفضل كفاحه، والتضحية بدماء أبنائه، استعاد أرضه وكرامته.
 
الندوة كانت متميزة في كل شيء، فلأول مرة تُطرح قضية النساء الفلسطينيات من عرب 1948 بهذا التوسّع، خاصة وأن العرب الإسرائيليين صار يُنظر إليهم كإسرائيليين، وأنهم متساوون في الحقوق مع غيرهم من المواطنين الإسرائيليين، وأعترف على استحياء بأن الصورة كانت مبهمة في ذهني، حتّى اتضحت من خلال التقارير التي قُدمت، ومن خلال الوقائع المصورة التي بُثّت، التي تؤكد أن 20 في المئة من المواطنين الإسرائيليين، فلسطينيون من عرب 48، وبالرغم من هذا لا يتلقون إلا 3 في المئة فقط من ميزانية الدولة العبرية، مما يعني أنهم يتعرضون إلى تمييز عرقي ممنهج، يهدف إلى تجويعهم، ليضطروا في نهاية الأمر إلى مغادرة أرضهم، والهجرة إلى الخارج!.
ضمّت الندوة الدولية 70 بلداً، من سياسيين ونقابين ومفكرين ومناضلين ومناضلات من أجل حقوق المرأة، ومدافعين عن حقوق الإنسان من آسيا والأميركتين وأوروبا وأفريقيا، وهو ما جعلني أثمّن الجهد الجبار الذي قامت به المجموعة البرلمانية لحزب العمال في الجزائر لإنجاح هذه الندوة، التي تمّت تحت رعاية رئيس الجمهورية عبدالعزيز بوتفليقة.
الملفت للنظر أن فرنسا من خلال مثقفيها، أكدت مرة أخرى وقوفها إلى جانب قضايانا، حيثُ شاركت هيئة تحرير مجلة “حوار” الناطقة باللغة الفرنسية، في التحضير لهذه الندوة على الصعيد الدولي في باريس.
 
ما سمعته، وما شاهدته، جعلني أتساءل بغضب.. متى ستنتهي معاناة هذا الشعب، الذي ما زال يُناضل على مدى ستين عاماً؟! ألم يحن الوقت كما قالت السيدة لويزة حنون في كلمتها الافتتاحية، للبحث عن الحل بالوسائل الديمقراطية، وعن طريق النقاش؟.!
وما زال الحديثُ مستمراً.