![]() |
![]() |
• القضية النبيلة والهدف الرخيص
الجمعة 24/11/2006 الإتحاد الإماراتية/ وجهات نظر/ زينب حفني كلما قلَّبتُ في كتب التاريخ، وقرأتُ عن العظماء الذين غيَّروا مجرى التاريخ، ونهضوا بمجتمعاتهم، من قادة ومفكرين وساسة، أتساءل: هل من حق المرء أن يُضيِّع عمره من أجل الدفاع عن قضية آمن بشرعيتها، والمحاربة بكل نفيس من أجلها؟!. جميعنا يُدرك أن كل ثورات العالم من أقصاه إلى أدناه، قامت على أيدي أناس ضحوا بأرواحهم مقابل أن يروا قضاياهم تتجسد على أرض الواقع، وكم من ملوك ورؤساء غابت أسماؤهم بموتهم، وعاشت أفكار ونظريات علماء ومفكرين اضطهدوا في حياتهم، وعانوا الأمرَّين داخل مجتمعاتهم، وكان كل ذنبهم أنهم سبقوا زمانهم بمعتقداتهم.
لا أتذكَّر قائل عبارة "كل ما نفعله لأجل
أنفسنا، يموت معنا. وما نفعله من أجل البشرية يُخلَّد بعد
رحيلنا". لكنها مقولة بلاشك تنطبق على الكثير من
أوجه الحياة. ففي كل مجتمعات الدنيا، هناك أناس عاشوا من
أجل متعتهم الذاتية، وهؤلاء اندثرت ذكراهم لحظة أن وارى
أجسادهم التراب. وهناك من رأى أنه جزء من هذا
العالم، وأن الحياة الحقيقية تلك التي يؤمن الإنسان فيها بقضية
ما، يُحارب من أجلها، ويرددها على شفتيه، إلى أن يلفظ
أنفاسه الأخيرة وهو يتغنَّى
بعشقها.
يقولون إن الأشجار التي تموت باسقة، خير ألف مرة من الأشجار التي تستسلم لطامعيها، وتتركهم يجزون جذوعها بلا رحمة، ويستبيحون أغصانها لاستخدامها في التدفئة بليالي الشتاء القارصة!! هناك شعرة رقيقة تفصل القضية النبيلة عن الهدف الرخيص، وموت الإنسان من أجل قضية نظيفة تُجبر الكثيرين على رفع القبعة له، واحترام ذكراه، كون مساره في نهاية الأمر مرتبطاً بالشرف. لكن أن يموت المرء من أجل أطماع ذاتية، أقل ما يُقال عنها أنها أوهام هزيلة، هنا يكون قد أهدر عمره بلا طائل، وما أكثر الناس الذين انتهى مصيرهم في مزبلة التاريخ!!.
•••
|
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() |