المرأة الخليجية ولعبة التغيير

المرأة الخليجية ولعبة التغيير

المرأة الخليجية ولعبة التغيير

الجمعة 8/4/2005

 

أشعر بغبطة يشوبها شيء من الحسد، عندما أتابع ما حققته المرأة في معظم الدول الخليجية، حيث وصلت المرأة إلى تولي مناصب وزارية، بجانب أحقيتها في الانتخاب والتصويت بالمجالس، على تباين تخصصاتها، ويكفي على سبيل المثال، أن المرأة الإماراتية اليوم، ليس هناك حواجز أمامها، للعمل في أيٍ من المجالات، بما فيها القوات المسلحة. لكن في أحيان أخرى، أحس بغضب يجتاحني، حين أرى بعض المظاهر السلبية، التي تحيط بالمرأة الخليجية بصفة عامة. فما زالت هناك فئة، تحمل نظرة متعصبة صوب المرأة، معتقدة أنها لا تصلح إلا لرعاية أسرتها، وأن أحقية مشاركتها في صنع القرار بوطنها، ما هي إلا مطلب غربي، دخيل علينا، ليس له أصل في ثقافتنا الدينية، ولا في موروثاتنا الاجتماعية. تراها تكرر مستهل الآية الكريمة “الرجال قوّامون على النساء..” دون أن تُكمل بقيتها، حيث قرن الله شرط القوامة بالنفقة! وتجدها تسخر من فكر المرأة، وتستهين بإنجازاتها، مرددة الحديث النبوي، أنها ناقصة عقل ودين، غاضة الطرف عن مقصده، في توضيح العوامل البيولوجية التي تمر بها المرأة، كالحيض والنفاس. وأذكر أنني كنتُ أتابع برنامجا تليفزيونيا، برر فيه الضيف، تمسكه بعدم إجازة حق المرأة في الانتخاب بدولة الكويت، إشفاقا عليها، حتّى لا تنتهك كرامتها، وتتعرّض لما يتعرّض له المرشحون من الرجال، مقابل حصولهم على أصوات مؤيدة لهم، وأن تمسكه بالرفض، نوع من التكريم لها.
 
من الملاحظ أن تواجد عدد من النساء في المجالس البلدية، وفي مجالس الشورى، قد تمَّ عن طريق التعيين، وأن النساء اللواتي رشحن أنفسهن، لم يحصلنَّ حتّـى على صوت واحد! وهذا يعني صراحة، أن المرأة ما زالت تنظر لنفسها نظرة دونية، ولا تثق في بنات جنسها، وهو لا يعود إلى طبيعتها الأنثوية كما يؤمن البعض، وإنما يرجع إلى تربيتها التي نشأت عليها، بأنها مخلوق ضعيف، بحاجة إلى الوصاية.
 
كما أن مؤسسات المجتمع، تحيط المرأة بنظرات الريبة والحيطة والحذر. هذه المظاهر الجلية للعنان، لابد أن يتمَّ تغييرها، فلا يمكن أن تظل المرأة الخليجية، واقفة على قارعة الطريق، تستجدي المارة لكي يأخذوا بيدها، ويدلوها على دروب الحياة! لابد أن تُساهم بنفسها في عجلة التطوير، بأن ترفع صوتها، وتؤكد قدراتها، وتثبت جدارتها، وأنها لا تقل كفاءة عن الرجل. يجب أن تسعى إلى بتر الموروث الاجتماعي العقيم، الذي نشأت عليه المجتمعات الخليجية، حتّى أضحى من المسلمات. لا أبالغ إذا قلت، إن هناك أصواتاً نسائية داخل مجتمعاتنا، ما زالت متمسكة بتحجيم أدوار المرأة. وإلى عدم
 
الانصياع لهذه المطالب، كونها مطالب لها أظافر حادة، ستؤدي إلى تمزيق أستار المجتمع، وإلى نحر الحياء أمام الملأ، وفي النهاية إلى انفراط سبحة الأخلاق! وهناك أصوات نسائية مغايرة، تصمُّ أذنيها، وتغمض عينيها عن هذه السلبيات، مستحلية هذا النمط من الحياة المخملية، لرغبتها في الارتكاز على خميلة الرجل، حتّى لا تتورط في مزيد من المسؤوليات، قد تسبب لها صداعا مزمنا مع مرور الأيام.
 
الأديب توفيق الحكيم يقول “… المرأة هي السّجان الدائم لنا نحن الرجال… فإذا اجتزنا بالكبر تلك السياج، تلقتنا أغلال ذراعيها، وطوّقت أعناقنا حتّـى الممات”. هنا أسأل سؤالا عاما… ألا تستحق هاتان الذراعان، أن يكون لهما شعاع من الضوء، تتلمس به المرأة الواعية، خطواتها نحو المستقبل؟!.