ماذا يحمل العام الجديد؟!

ماذا يحمل العام الجديد؟!

ماذا يحمل العام الجديد؟!

الجمعة 30/12/2005

 
أنا من المؤمنات بأن لكل زمان أفراحه وأحزانه، كما لكل عصر رجاله· ولا أرى أن الماضي كان أكثر أمنا وصفاء من اليوم، هذا ما أردده حين أقلّب كتب التاريخ، وأطالع قصة البشرية منذ بداية نشأتها إلى وقتنا الحاضر، فالأوجاع الإنسانية كثيرة على الأرض، ألمسها وأنا أقرأ قصص الحروب التي أبادت الكثيرين، وعن ضحايا الصراعات، وأطماع الحكام، وعن ضياع عروش، وصعود أمم، وانهيار حضارات·
 
أحمد الله أنني لحقتُ بزمن الإنترنت، واستمتع بالثورة المعلوماتية، التي جعلت الكل بلا استثناء يعرف ما يجري في بلاد الواق الواق، وهو متمدد على سريره داخل غرفته، وبجانبه فنجان قهوته، يحتسيها بهدوء وهو يراقب ما يجري في كل رقعة بالعالم·
 
غدا يقف الجميع ليحيوا العام الجديد، وسط الزينات التي تملأ الطرقات، وشجرات أعياد الميلاد التي تتصدّر مدخل كل بيت، يراقبون الشمس وهي ترمي بشباكها خلف البحر، لتودع آخر يوم لها على الأرض لهذا العام·
 
كل فرد منا سيقف متطلعا صوب الأفق البعيد، وهو يحمل بقجة أوجاعه ومسراته على ظهره، متسائلا·· ماذا أنجزت في العام المنصرم، وما الذي أرغب في تحقيقه العام المقبل؟! ثم نمدُّ أنظارنا إلى دواخل أنفسنا، وننبّـش عن وقائع وأحداث مرت بنا وتركت صدى في أعماقنا، مع نهاية عام ستتلاشى ملامحه بعد ساعات قلائل، ونتبادل السؤال التقليدي·· ماذا يحمل لنا الغد من مفاجآت مبكية ومفرحة!! وهل سيكون أجمل من الأمس!! ننظر إلى وجوهنا في المرآة لنراقب ما فعلته بنا بصمات العام الفائت· نتفحّص وجوه المارة الذين يعبرون أمامنا، وجوهٌ كالحة، وأخرى مطمئنة، وثالثة متوجسة، وأخرى قلقة، ووجوه أخرى غير عابئة بضربات الحياة، ووجوه مغايرة تئن من أثقال الحياة، ويعاود كل منّا سؤال نفسه بصوت خافت·· تُرى أين موقعي بين هؤلاء!!.
 
نجلس فرحين ليلة رأس السنة أمام التلفاز، لنشاهد سهرة ممتعة مع مطربنا المفضّل، أو لنتابع برنامجا جماهيريا على الهواء، فتشدنا نشرات الأخبار، وتقع عيوننا على مشاهد مؤذية لما يجري في فلسطين وأفغانستان والشيشان وآخرها مسلسل الحزن الدامي الذي يجري بأرض العراق، ونتساءل بأسى·· هل ستنتهي آلام قومنا مع حلول العام المقبل!! نقلّب القنوات بالريموت كنترول، فتفاجئنا صور موجعة عن مظاهر المجاعات والأوبئة والأمراض القاتلة التي تتجرعها قارة أفريقيا السوداء، فنطلق زفرة طويلة ونحمد الله على نعمة العطاء الإلهي· يتملكنا الفضول لنطالع ما يجري في الصحف، فتهتز أفئدتنا لملامح الحزن التي تُغلّف الوجوه، مع الذكرى الأولى لتسونامي التي تُعدُّ ثاني أقوى زلزال في التاريخ، والذي حصد أرواح الآلاف، ونلاحق بأعيننا عبر التلفاز صور أقارب الضحايا وهم يترحمون على موتاهم في المساجد، وهم يقيمون الصلوات ويشعلون الشموع في الكنائس· نُصاب بالهلع من الكوارث الطبيعية التي أصابت إيران وباكستان والعديد من بلدان العالم مما يجعلنا نتساءل بوجل·· هل هناك فواجع أخرى يخبئها القدر أشد إيلاما؟! نُدرك في نهاية المطاف أن البشرية بالرغم من الإنجازات المبهرة التي حققتها، ما زالت تقف عاجزة أمام الطبيعة الكونية، وأنها ستظل الأشرس حين تقرر في لحظة مباغتة استعراض قوتها وإمكانياتها أمام العقول البشرية·
 
ونحن نصرخ مهللين بقدوم العام الجديد، نتمنى من أعماق قلوبنا، أن يكون عاما ترفل فيه البشرية بثوب السلام والعدل والحرية· تُرى هل ستصرُّ على ارتداء ثوبها البالي، وتُعاود التسكّع على أرصفة الحياة بعد أن أعياها طول السهاد!!.
 

كــــل عـــــام وأنتـــم بخيـــر

·