معضلة الكتاب العربي

معضلة الكتاب العربي

معضلة الكتاب العربي

الجمعة 24/3/2006

 
حرصتُ على حضور ندوات المجلس البريطاني لترجمة الأدب العربي الإنجليزي، المنظم بمشاركة مجلس فنون انجلترا، الذي انعقد يومي الثامن والتاسع من مارس الجاري في “غود أناو كوليدج” بلندن.
 
كانت أجواء الندوات دافئة، من خلال الأوراق المشاركة، والمداخلات التي أدلى بها جانب من الحضور، لكنني أثناء تواجدي هناك، لاحظت أن كثيراً من الأدباء الحاضرين، يجهلون بعضهم بعضاً، على الرغم من شهرة بعضهم التي تعدّت حدود بلادهم!! بررتُ هذا بانشغال المثقف العربي بهمومه الخاصة والعامة، التي يحملها على كاهله أينما ذهب وأينما حل، والتي صرفته عن متابعة أو رصد نتاج زملائه المبدعين في بقاع أخرى من العالم العربي.
 
يوم الجمعة 10 مارس، كان عبارة عن مناقشات تمت حول مائدة مستديرة، تحدّث فيها أصحاب بعض دور النشر، وعدد من الأدباء العرب عن إمكانية توطيد العلاقات بين بريطانيا والعالم العربي، في مجال النشر والتوزيع والترجمة والتبادل الثقافي، وعن كيفية تذليل العقبات التي تحيط إجمالا بترجمة الكتاب العربي إلى اللغات الأخرى.
 
من الملاحظ أن الكاتب أو الأديب العربي من الصعب عليه اقتحام الساحة الثقافية الغربية، وهو ما جعل بعض الأدباء العرب الذين يعيشون في المنافي -وأذكر على سبيل المثال لا الحصر، الأديبان أمين معلوف اللبناني الأصل، والطاهر بن جلّون المغربي الأصل، اللذان يجيدان اللغة الفرنسية- يكتبون كافة إبداعاتهم بها، حتّى غدا البعض داخل الأوساط الثقافية العربية، يتهمون هذين الكاتبين مثلاً بأنهما يتجاهلان لغتهما الأم، ليُقبل الناشر الفرنسي على نشر كتبهما.
 
إلى جانب أن هناك عدداً من الأدباء، يجدون أنفسهم مضطرين للخضوع للشروط التي يفرضها الناشرون الغربيون، بكتابة مواضيع صارخة تجذب القارئ الغربي، وتلقى صدى واسعاً بتلك المجتمعات، حتّى تجد إبداعاتهم أرضيّة هناك.
 
رفض الكاتب أو الأديب العربي الانجراف خلف هذه الموجات، احتراماً لقناعاته الذاتية، جعل الناشر الغربي لا يولي اهتماماً بنتاجه، ولا يلتفت لإبداعاته، ولو كانت رفيعة المستوى، وهو ما أشارت إليه الناشطة والمناضلة الفلسطينية عائشة عودة، في حلقة النقاش حول طبيعة النشر في أوروبا.
 
لفت نظري في الحوار الدائر، المقترح الذي أدلى به الزميل خالد الحروب، والذي لاقى ترحيباً كبيراً من جانب الحضور، حيث نادى بتأسيس جائزة “الجزيرة للكتاب” تكون مقسمة بين الكتب الصادرة باللغة العربية، وبين الكتب الصادرة باللغة الإنجليزية، والتي كُتبت جميعها بأقلام كتّاب وأدباء عرب، بحيث تتوزّع بين الرواية والشعر والدراسات الفكرية، على أن يتم بشكل خاص دعم للأقلام النسوية، ولأصحاب الأفكار الجديدة الجريئة في طرحها. وأن يتم تشكيل لجنة من كبار الكتاب والمختصين، يكون لها الحكم النهائي والفاصل في اختيار الكتب، ويتم الإعلان عن الجوائز من خلال حفل سنوي تقوم “الجزيرة” بتغطيته.
 
يجب الاعتراف بأن قناة “الجزيرة” حتّى لو اختلفنا مع بعض توجهاتها ومواقفها، قد نجحت في استقطاب الجمهور العربي من المغرب إلى الخليج، وأصبحت لها شعبية كبيرة في العالم، مما يعني أن هذه الجائزة ستفتح آفاقاً واسعة أمام الأديب العربي والمرأة تحديداً، بتعريف الكاتب العربي على كافة الأوساط الثقافية، وتُشرّع له واجهة عريضة يُطل من خلالها على الشارع العربي كذلك.
 
كانت الندوات بالفعل ثرية، والمقترحات جميلة، متمنية في قرارة نفسي أن تأخذ هذه الأفكار طريقها للنور، من أجل رفع شأن الثقافة والمثقفين في عالمنا العربي، وألا تكون مجرد ثرثرة وقتية تنتهي مع فض المجالس كحال غيرها من المؤتمرات!!.