المرأة العربية… إلى أين؟

المرأة العربية… إلى أين؟

المرأة العربية… إلى أين؟

الجمعة 14/7/2006

 
جميل أن يجد الإنسان رجلاً كان أم امرأة، شعاعاً من الضوء يتسرب إلى حجرته المظلمة من شق صغير بين الصخور الضخمة، هذا مؤشر يدل على أن النهار في طريقه للطلوع بعد ليل طال مداه. وبديع أن يستيقظ المرء على صوت البلابل تُغرّد عند نافذته المحكمة أقفالها، هذا يعني وجود بارقة أمل بأن الطيور من الممكن أن تعود مطمئنة لأعشاشها دون توجّس من بطش صيّاد جائر. لكن الأجمل أن تجد المرأة العربية نفسها تقف بجانب الرجل في كل مسارات الحياة، دون أن تنكل بها أعراف بالية، وتقاليد ذكوريّة ظالمة. هذا ما شعرتُ به وأنا أتابع بعينيَّ بالصوت والصورة وعلى مدى يومين، مكانة المرأة اليمنية في بلادها، من خلال مؤتمر صنعاء للديمقراطية والإصلاحات السياسية وحرية التعبير الذي حضرته مؤخراً في اليمن.
 
دوماً أؤمن بأن الفقر أو الانشغال بتدبير القوت اليومي لا يُلهي الإنسان عن المطالبة بحقوقه المدنية، لكن المرأة في كل زمان ومكان هي التي تدفع دوماً ضريبة السلبيات في مجتمعها كونها المخلوق الأدنى مرتبة الذي يسهل قمعه وابتزازه، بالرغم من ذلك وجدتُ المرأة اليمنية حاضرة في كل جلسات المؤتمر، بمداخلاتها الشرسة، وبمطالبها الجريئة، وبنقاشاتها الحادة، بصوتها الجهوري المتلائم مع البيئة الجبلية الصلبة التي نشأت فيها وانعكست بالتالي على شخصيتها.
 
ليلة ختام المؤتمر، دعتني عضوات من اللجنة الوطنية للمرأة إلى سهرة نسائية، قالت لي إحداهن باسمة.. ألا ترغبين في رؤية المجتمع النسائي اليمني على سجيته؟! وافقت متحمسة على الدعوة، وعندما وصلت مع بعض من رفيقاتي المشاركات معي في المؤتمر، قادتنا المضيفة إلى مجلس كبير يضم عدداً كبيراً من السيدات اليمنيات وقامت بالتعريف بهن. كانت منهن قاضيات، ومحاميات، وأساتذة جامعات، وصحفيات، ومحققات جنائيات، ورئيسات لمنظمات غير حكومية. سألتها بدهشة لا افتعال فيها.. كيف تمكنت المرأة اليمنية من الوصول إلى منصب القضاء، في الوقت الذي عجزت فيه العديد من الدول العربية والخليجية تحديداً على مناقشة هذه الخطوة لحساسيتها داخل مجتمعاتها؟! ردت باسمة.. لقد استفدنا من الوحدة بين شطري اليمن. في الجنوب كانت المرأة حسب النظام الاشتراكي متساوية مع الرجل في كافة الوظائف، وقد أخذت الدولة عند نجاح الوحدة هذا البند من الدستور لإجازة حق المرأة في تولي هذا المنصب. عدتُ لسؤالها.. ما هو المذهب الذي تتبعونه في هذا البلد؟! علّقت..نحن هنا نحترم الدستور. سرحت في حديثها وطرتُ بفكري صوب بلادي السعودية، التي ما زالت المرأة محرومة فيها من قيادة السيارة، ولا تخطو خطوة إلا بمباركة الزوج أو الأخ أو الابن، ومقيدة بالكثير من الأغلال الاجتماعية، ولا زالت مكانك سر سوى تعديل طفيف بالكاد يُذكر. وتساءلت.. لمَ بكل المقومات المادية التي تتمتع بها المرأة الخليجية، فشلت المرأة الكويتية في الوصول إلى البرلمان، بل وفي كسب أصوات بنات جلدتها، واضطرار بعض الدول الخليجية الأخرى إلى التعيين، لفرض المرأة في الحياة العامة؟! كيف استطاعت المرأة اليمنية الحصول على مناصب بارزة بأقل الإمكانيات؟! هل الفقر يخلق داخل الإنسان نوعاً من التحدي لكسر القهر الرابض بأعماقه؟! أم لأن دماء بلقيس وزنوبيا تجري في عروق النسوة اليمنيات؟! أم أن الرفاهية في أغلب الأحيان تكون المطرق الذي يُبدد إرادة المرأة في داخلها، ويضطرها في نهاية الأمر إلى الخنوع؟! علامات استفهام كثيرة تتراقص في ذهني باحثة عن إجابة .!