فضيحة البحث العلمي!

فضيحة البحث العلمي!

فضيحة البحث العلمي!

الأحد 29/11/2009

 
خرجت دراسة حديثة تقول بأن ما تنفقه جامعة هارفارد على البحث العلمي، يُعادل ما تنفقه الدول العربية مجتمعة على البحوث العلميّة! خبر مخجل وقع كالصاعقة على رؤوس الكثير من المثقفين وعاشقي العلم.
 

بالتأكيد لا بد أن يرسم كل فرد عربي علامة استفهام كُبرى في فكره، على هذا التجاهل المتعمّد لبناء معامل علمية متطورة، وفي تبنّي البحوث العلميّة؟! فهل هذا يعود إلى أن الأفكار العلمية لا تلقى تشجيعاً في بلداننا، بسبب تدخّلات رجال الدين بحجة أنها مُخالفة للشريعة السماويّة؟! هل هذا يرجع إلى سياسات الحكومات التي تصرُّ على أن تختار بنفسها نوعية الأبحاث الواجب تمويلها، أم أن هذا التقاعس يعود إلى تفشّي الفساد المالي، الذي قد يدفع بعض الحكومات إلى نهب الأموال المخصصة للأبحاث العلمية على الرغم من أهميتها في تطوير المجتمعات؟!
 
من المعروف أن جامعة هارفارد يُساهم العديد من رجال الأعمال في تمويل مشاريعها العلمية، بل إن هناك من الأثرياء من يهب جزءاً من ثروته لتطوير الأبحاث العلمية، في الوقت الذي يتجاهل معظم رجال الأعمال العرب هذا الجانب المضيء، ويضنّون بأموالهم في دعم الأبحاث العلمية المساهمة في خدمة البشرية!
 
كل شيء في أوطاننا العربية يثير الاندهاش! ولا يجب أن نستغرب حين نرى حكوماتنا تُنفق ببذخ على الأندية الرياضية! ولا يجب أن نستهجن قيام إعلامنا الفضائي والأرضي وإذاعاتنا بالترويج للفنون الهابطة ما دام سيستقطب شريحة كبيرة من المشاهدين!
 
إن الوضع في الأول والأخير يُظهر بأن الكل قد تكالب على تغييب العقل العربي! فإعلامنا العربي لم يكتب سطراً واحداً يتضمّن استياء على هذه الفضيحة العلمية، أو يُفنّد أسباب تقاعس بلداننا عن تمويل البحوث العلمية، كأنه خبر عابر لا يستحق التعليق! في الوقت الذي نجده قد سخّر كل إمكانياته من أجل تغطية مباراة كرة القدم التي جرت مؤخراً بين مصر والجزائر، كأننا من خلال هذه المباراة سنصبح في مصاف الأمم المتحضرة، أو سنُحرز نصراً مبينا على أعدائنا!
 
ما جرى من وقائع مخزية قبل المباراة وأثناءها وبعدها، يؤكد على أن إعلامنا متورط حتّى أخمص قدميه في إثارة الفتن! وأثبت بالصوت والصورة بأنه متمرّس فقط في إشاعة الضغائن وإثارة الفتن وزرع التفرقة بين الشعوب العربية، وأننا على الجانب الآخر لا نعرف كيف نستغلُّ أعلامنا في إشاعة أجواء الحب والسلام في عالمنا العربي، وفي الترويج للقضايا التي تعود بالنفع على شعوبنا!
 
إن هناك عددا لا يُستهان به من العلماء العرب برعوا خارج أوطانهم، وذلك بفضل البلدان الغريبة التي فتحت لهم معاملها، وموّلت مشروعاتهم واحترمت عقولهم الفذة، فيؤثرون البقاء في البلدان التي ربّتت بحنو على أكتافهم. وهذا لا يُعدُّ جحودا منهم في حق أوطانهم الأصلية، وإنما بسبب المناخ العلمي المتخلّف الموبوء، والأيدي الشحيحة التي تضنُّ عليهم بأقل القليل!
 
إن هذه الصورة القاتمة الرؤيا، تخلق سؤالا مُلحّا على لسان كل مواطن غيّور على عروبته.. ألم يئن الأوان للاهتمام بعقولنا البشرية، حتّى لا تُقرر الهجرة غير آسفة على أوطانها! لقد صدقت الحكمة القائلة… وطني الحقيقي، هي الأرض التي أجد فيها راحة بالي، وراحة البال تخضع في أيامنا هذه لمعانٍ كثيرة!