المرأة…تصنع الثورات

المرأة…تصنع الثورات

المرأة…تصنع الثورات

الأحد 13/3/2011

 
كان الطقس كعادته رطباً في بعض العواصم العربية. وكان يميل إلى ارتفاع في درجة حرارته في مدن عربية أخرى. لكنه بالتأكيد لم يزل بارداً في عدد من البلدان العربية والأوروبية. لكن هذا لا يعني بأن يوم 8 مارس لهذا العام كان يوماً عاديّاً كغيره من الأيام عند أغلبية النساء العربيات تحديداً، بل كان يوماً خارجاً عن المألوف كون رياح الثورات تهبُّ على وجوههن من كافة النواحي، وتتسرّب عبر نوافذ منازلهن ومن تحت أبوابها المغلقة.
 
سُئلت في جلسة نسائيّة: هل تعتقدين أن المرأة العربية سيكون لها دور في صنع الثورات داخل بلادها في المرحلة المقبلة؟! هل تظنين أن المرأة العربية في الزمن الحاضر بالرغم من كم التحديات التي تحيط بها، استطاعت قلب الموازين لصالح مجتمعها؟! هل تؤمنين بأن المرأة العربية بالفعل قادرة على تغيير المستقبل؟! أجبت بثقة: نعم. لديَّ قناعة راسخة بأن الذي يتجرّع مرارة الظلم يُصبح أكثر شراسة حين يتعلّق الأمر باسترداد حقوقه. وأن الفرد الذي يفتقد للعدالة الاجتماعيّة على أرضه، رجلاً كان أم امرأة، سيتحوّل إلى وحش كاسر يغرس أنيابه في جسد كل من يقف في وجهه ليسلبه إنسانيته ويُصادر حقه في حياة كريمة!

 
في صغري طالعتُ سير حيوات لنسوة عربيات غيّرن وجه التاريخ داخل مجتمعاتهن بشجاعتهن المفرطة دون أن يأبهن بالثمن الباهظ الذي قمن بدفعه لاحقا. قرأتُ بانبهار عن السيدة هدى شعراوي، التي كانت أول امرأة تخلع “اليشمك” لتشجّع المرأة المصرية على دخول معترك الحياة العامة من دون رداء السواد، الذي فرضه العثمانيون على المرأة عقوداً طويلة.
 
توقفتُ طويلاً أمام سيرة حياة الأديبة “مي زيادة”، التي ما زلتُ إلى اليوم مأخوذة بشخصيتها الفذة وبثقافتها الواسعة، وكيف أقامت في بيتها صالوناً أدبيّاً رفيعاً في زمن كان ذكوريّاً بامتياز دون أن تحفل بالقيل والقال!
 
توقفتُ أمام سيرة حياة “جميلة بوحريد” المناضلة الجزائرية، التي قاومت الاستعمار بشراسة من أجل تحرير وطنها وكي ينال استقلاله.
 
في كل زمان ومكان كانت هناك زهرات يانعات لها أغصان قوية نجحت في نشر رحيقها الذاكي. لكنني ظننتُ بأن امرأة الأمس لن تعود، وأن امرأة الحاضر باتت مثل الظلال تروح وتجيء مع شروق وغروب الشمس، نتيجة للظروف السياسية المتقلبة التي تُحيط بالعالم. ونتيجة لتدنّي الأحوال المعيشية وتلاشي الطبقة الوسطى بمجتمعاتنا تدريجياً. ونتيجة لارتفاع المد الأصولي في أغلبية بلداننا العربية مساهما بقصد في قوقعة المرأة وحشرها تحت خيمة من السواد، ومناداة بعض الشيوخ المتطرفين من فوق المنابر وعبر بعض البرامج التليفزيونيّة بوجوب عزل المرأة عن الحياة العامة صوناً لها ومن منطلق العيب والحرام، لكنني اكتشفت فرحة كم كان ظنّي خاطئاً!
 
من ينظر حوله في كافة الاتجاهات، سيجد بأن المرأة العربية كانت حاضرة، ولم تزل في ثورة تونس ومصر وليبيا. ولم تزل تقف تجهر بصوتها في الميادين العامة بجانب الرجل في عواصم عربية أخرى. المرأة العربية أثبتت بأنها لا تقلُّ شجاعة عن الرجل حين يتعلّق الأمر بمصير أوطانها ومستقبل أبنائها.
 
كانت أسماء محفوظ الشابة المصرية الصغيرة التي ساهمت بتحريك ثورة شباب التحرير على “الفيسبوك”، من الفتيات اللواتي يجب أن تفتخر بها المرأة العربية في كل مكان. لم تأبه هذه الفتاة الشجاعة برسائل التهديد التي كانت تصلها من جهات مجهولة لإرغامها على التراجع، بل أصرّت على إكمال مسيرتها مع زملائها وزميلاتها وبدعم من والديها.
 
المرأة تستحق في يوم عيدها قبلة تهنئة على جبينها المضيء.