الحمد لله من قبل ومن بعد!

الحمد لله من قبل ومن بعد!

الحمد لله من قبل ومن بعد!

الأحد 8/5/2011

 
طافت غمامة حزن سوداء في فضاء عالمنا العربي مع حلول اليوم العالمي لحرية الصحافة الذي يُوافق 3 مايو من كل عام، حيث تراجعت حرية التعبير في أغلبها بشكل ملحوظ نتيجة ثورات الشعوب التي وقعت في أنحاء متفرقة من أراضيها. وهو ما دفع بلدان بعينها إلى ذبح حرية التعبير على أعتاب مداخلها، وتعليق رؤوسها على المشانق بالميادين العامة من دون أن تحسّ بتأنيب الضمير على وحشيتها المفرطة!
 
كانت الهيئة العامة للأمم المتحدة قد أصدرت بياناً في منتصف الأربعينيات يكفل حرية التعبير للجميع، ويتضمن نقل المعلومة من مصادرها كحق من حقوق الإنسان التي تقوم عليها دساتير الدول المتحضرة، وتُعتبر من أسس الديمقراطية الحقيقية.
 
مؤسسة “فريدوم هاوس”، وهي منظمة رقابية مستقلة، بيّنت في تقريرها لهذا العام أن هناك دولاً تقدّمت في مجال حرية التعبير ودولاً تراجعت فيها حرية الرأي وأخرى بقيت في مكانها! وللأسف حصلت السعودية على نفس المرتبة لعامين متتاليين بتصنيفها في المرتبة الرابعة عشرة من تسع عشرة دولة بمنطقة الشرق الأوسط.
 
لا أعرف إن كان هذا التقرير قد صدر قبل صدور نظام المطبوعات الجديد أم قبله. وكل ما أخشاه أن يدفع هذا النظام المعدّل ببلادي إلى نهاية الصفوف، وإلى جعل سمعة إعلامه سيئة في الخارج بعد أن تقدّمت نسبيّا في الأعوام الأخيرة، خاصة مع إعلان وزير الإعلام والثقافة السعودي أن القانون الجديد سيجعل الجميع سواسية أمام القانون، ولا أدري كيف سيحدث هذا الأمر في ظل التعتيم الإعلامي المفروض حول الجناة والفاسدين، أيّاً كان موقعهم ومكانتهم، لكن يظهر بأن وزيرنا يتبع نصيحة الإمام الشافعي التي أطلقها في بيته الشعري الشهير:
 
لسانك لا تذكر به عورة امرئ فكلك عورات وللناس أعين!
 
الإعلامي المتميّز “علي العلياني” كان قد أعلن في برنامجه الجريء “ياهلا” بأنه سيتخلّى عن مناقشة قضايا الفساد المحلي التي كان يُركّز عليها، والاتجاه نحو عرض قضايا الفساد في تشيلي والبرازيل! والكاتبة “حليمة مظفّر” قررت هي الأخرى الكتابة بجديّة عن عالم الحشرات، وقد بدأت مشروعها بالفعل وتحدّثت في مقالها الأخير عن فوائد القمل في تنبيت شعر الرأس! والكاتب خلف الحربي قرر هو الآخر التركيز على مزايا حسناوات الفن والغناء العربي، ناصحاً بأن على المتضرر اللجوء لصفحات الكلمات المتقاطعة! كل اتجاهات الكتّاب والإعلاميين الجديدة، والتي يبدو أن لا رجعة فيها، قد جاءت بالطبع نتيجة قانون المطبوعات الجديد الذي سيفضّ الجيوب، ويُقلق مضجع كل صحفي أو إعلامي تسوّل له نفسه فضح زلاّت الآخرين!
 
لا أعرف إنْ كان قانون المطبوعات الجديد سيشمل الكاتبة والإعلامية المرأة! فمن المعروف أن المرأة فاقدة الأهلية داخل بلادها، وهي في هذا تتساوى مع المجنون والطفل، الذي لم يبلغ سن الرشد، المرفوع عنهما القلم! ربما تكون الحسنة الوحيدة التي من الممكن أن تغتنمها المرأة لكي تصول وتجول بحرية بقلمها في المنتديات وعلى صفحات الجرائد، وبإطلاق لسانها على شاشات القنوات الفضائية!
 
الحمد لله من قبل ومن بعد أن نظام المطبوعات جاء في عصر الإنترنت وثورة المعلومات! هذا الاختراع المذهل الذي فتح العالم على مصراعيه وكشف بشفافية عمّا يجري فيه من أقصاه لأدناه دون أن يطاله مقص الرقيب! إنه يشبه المرأة الجامحة المفلوتة على حل شعرها، التي ليس لها أسرة تحسب حسابها، ولا زوج ولا أخ يملك القدرة على تقييد حركاتها وسجنها في غرفة بلا نوافذ ولا أبواب حتّى تعود لرشدها وتنصاع لأوامر قومها وتقول صارخة: لقد أعلنتُ توبتي!