الدور على من؟!

الدور على من؟!

الدور على من؟!

الأحد 16/1/2011

 
من المتسبب في تقطيع أحشاء أوطاننا العربية، وتقسيم أراضيها إلى دويلات ضعيفة؟! هل اللوم يقع في الأول والأخير على الحكومات الفاسدة التي تعاقبت على دولنا العربية؟! هل يقع الخطأ على أنظمة استحوذت بمفردها على السلطة عقوداً طويلة؟! هل المسؤولية تتحملها الشعوب العربية كونها أغمضت عينيها، وحنت ظهرها، وتغاضت عن حقوقها المشروعة من منطلق من خاف سلم؟!
 
نحن أمام ثورة جياع عربية عصرية الطابع. فالشارع العربي في غضب عامر، وقد اندلعت الشرارة الأولى من تونس على يد شاب قام بإشعال النار في جسده بـ”سيدي بوزيد” أمام الملأ بعد أن قامت السلطات بمصادرة عربة الخضار التي يسترزق بها، وهو ما دفع مئات المتظاهرين إلى الخروج إلى الميادين العامة اعتراضاً على تدنّي مستوى الدخل وتفشّي البطالة بين فئة الشباب، وقيام قوات الأمن باستخدام الذخيرة الحية لتفريقهم مما أسفر عن وقوع عدد من القتلى وجرحى بالعشرات. وبعدها بأيام قليلة انتقلت العدوى إلى الشارع الجزائري حيث أندفع عدد كبير من المتظاهرين إلى الشوارع احتجاجاً على ارتفاع أسعار المواد الغذائيّة الأولية.
 
مع كم المظاهر المأساوية الطافحة على سطح مجتمعاتنا العربية، إلا أن عينيَّ ما زالتا مشدودتين نحو شاشة التلفاز لمتابعة سير وقائع الاستفتاء على تقرير جنوب السودان، على الرغم من أن الجميع يعلم بأن انفصال الجنوب عن الشمال واقع لا محالة، وأن ما يجري مجرّد عملية روتينيّة لإضفاء الصبغة الشرعية على حق “الجنوبيين “في إقامة دولتهم المستقلة.
 
تابعت منذ فترة قصيرة حديثاً لأحد المسؤولين السودانيين يقرُّ فيه بأن حكومة الخرطوم على تعاقبها كانت تُمارس تمييزاً ضد “الجنوبيين” طوال العقود الماضية. وكان “الجنوبيون” محرومين من فرص التعليم والتنمية ويتم معاملتهم بفوقيّة، إضافة إلى حملات التبشير النشطة، التي كانت تسير على قدم وساق في “الجنوب”، حيث كان أغلبية أهلها وثنيين لا ينتمون لدين.
 
الكل يتساءل بصوت خافت: الدور على من؟! جميعنا بالتأكيد يحترم حق الإنسان في تحديد مصيره واسترجاع حقوقه وإشاعة السلام والأمن على أرضه، لكن ليس هناك أصعب من أن يرى المواطن العربي وطنه يُبتر عضو من أعضائه، وهو يقف متفرجاً لا يملك القدرة على وقفه!
 
البعض يُردد بأن هناك مؤامرات تُدار في الخفاء لتفتيت أوطاننا حتّى نزداد ضعفاً وهشاشة! حتّى وإنْ كان الغرب خبيث النيّة تجاهنا، وهناك بالفعل خطط مبيّتة تُدار من خلف ظهورنا لكسر شوكتنا، فهذا لا يمنع من أن نسأل أنفسنا بصراحة: من الذي أجدب الأرض الخصبة في فصل الربيع؟! من الذي شرّع النوافذ في ظلمات الليل الحالكة ليتسلل الغرباء إلى حجراتنا؟! من الذي فتح الأبواب على مصراعيها، وترك الرياح العاتية تُحطّم أثاث منازلنا؟! ألا تُوجد حكومات عربية مستهترة تعيث فساداً في أوطانها، وتمارس أشد أنواع التنكيل في حق من ينبهها لما تقترفه يداها في حق شعوبها؟! أليس انعدام العدالة الاجتماعيّة في بعض بلداننا العربية، ساهم في تأجيج الأحقاد وبث الفرقة بين أفراد المجتمع الواحد؟! ألم يُساهم تقييد الحريات في أغلبية البلدان العربية إلى غليان الشارع؟! ألم يُساهم تكميم الأفواه وتقييد الحريات وفرض الأمن بالقوة المفرطة في غليان الشارع العربي؟!

 

إذا كانت أجيال الحاضر أخذت تئن من مظاهر الفساد والظلم والاستبداد، تُرى ماذا ستفعل الأجيال القادمة حين لا تجد حتّى الكساء لتستر به أجسادها؟!