المرأة…رئيسة دولة!

المرأة…رئيسة دولة!

المرأة…رئيسة دولة!

الأحد 7/8/2011

 
مجتمعاتنا العربية هي مجتمعات ذكوريّة بامتياز، وقلّ أن تجد من يقول لك بثقة “وماذا لو حكمتنا امرأة؟!”. والحقيقة بأن المرأة ليست بغريبة على عالم السياسة، والتاريخ أكبر شاهد على هذا، لكن أغلبية الرجال يستكثرون هذا المنصب عليها، ويستمرون بالصراخ في وجهها، وأنها مخلوق هش، وناقصة عقل ودين، لا تملك القدرة على تولي هذا المنصب الرفيع، وإن أثبتت للدنيا بأسرها عمق ثقافتها ورجاحة عقلها وحكمتها في اتخاذ القرارات الصائبة!
 
لقد عاد مؤخراً إلى السطح جدل حول حق المرأة في تولّي الرئاسة، مع إعلان الأديبة (أنس الوجود عليوه) نيتها الترشّح لرئاسة دولة مصر، وهي تُعتبر أول سيدة مصرية تُعلن ترشحها لهذا المنصب في العصر الحديث رغم أن مصر على مدار تاريخها الحضاري حكمنها ملكات كان لهن دور ناصع ومشّرف في إدارة شؤون بلادهن.
 
ومن يقرأ تاريخ مصر سيجد بأن الملكة الفرعونيّة “حتشبسوت” كان عهدها من أزهى العصور، ونجحت في الإمساك بزمام الحكم على مدار عشرين عاماً عمّ فيه الاستقرار، وأمرت بشق الترع والقنوات مما ساهم في انتعاش الزراعة ورواج التجارة. ويُحسب لها أنها قامت بالتنازل عن عرشها لابن زوجها لكي تُنقذ بلادها من القلاقل الداخلية ومن أعدائها المتربصين بها.
 
وجاء بعد”حتشبسوت” عدد من الملكات، وكانت آخر من حكمن مصر من النساء (شجرة الدر) الشركسية، التي نجحت في الانتصار على جيوش الصليبيين بذكائها وفطنتها. وكانت شجرة الدر تحرص على عرض أحوال البلد على مستشاريها في مجلس المشاورة، وبرز في عهدها عدد من الأدباء الذين أثروا المكتبة العربية. وكان يُدعى لها في المساجد وتُصك النقود باسمها.
 
وإذا انتقلنا إلى اليمن سنجد بأن بلقيس ملكة سبأ، والتي جاء ذكرها في القرآن مقرونة بقصة الهدهد والنبي سليمان، ذاع صيتها كملكة محبة لشعبها، واتصفت بالحكمة ورجاحة العقل، وقد تمّ في عهدها ترميم سد مأرب، وكانت هي الأخرى تحرص على التشاور مع مستشاريها، وهذا كان جليّا في الآية القرآنيّة “أفتوني في أمري ما كنتُ قاطعة أمرا حتّى تشهدون”.
 
وفي أوروبا، كان عصر الملكة فيكتوريا، التي حكمت بريطانيا في ستينات القرن التاسع عشر من أزهى العصور، وأُطلق على عصرها (العصر الفيكتوري) لأهمية حكمها في ازدهار بلادها إبان الثورة الصناعية، وتمّ تتويجها وقتها كإمبراطورة على الهند أيضاً.
 
كالعادة ما أن تُعلن امرأة عربية عن نيتها الترشّح لرئاسة بلدها حتّى نسمع التهكمات ونبرة السخرية تتعالى من هنا وهناك، وترديد مقولة الرسول محمد “خاب قوم ولوا أمرهم امرأة”. رغم أنها قيلت في مناسبة خاصة ولم تكن عامة كما يُزعم بعض الفقهاء.
 
الدكتور العصيمي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود، يرى بأن المرأة لا تقود الرجل سواء في داخل البيت أو خارجه، ولا تُعطى ولاية عامة، ضاربا المثل بتونس التي أعطت ولاية رجل الأمن لامرأة فصفعت بها الشعب وكانت سبباً مباشراً في سقوط حكم زين العابدين!
 
لا أعرف إن كان العصيمي يتغاضى عن الحقائق بسبب إيمانه بفكر متشدد ينظر للمرأة على أنها أم المصائب! متناسياً أن هناك بين الرؤساء العرب من يصفعون وجوه شعوبهم مطلع كل نهار، ويذبحون مواطنيهم على مرأى ومسمع العالم دون أن يطرف لهم جفن! ثم يجيء ويقف عند صفعة امرأة متحججاً أنها كانت سبباً مباشراً في إشعال ثورة تونس التي وقعت بمباركة شعبية.
 
كفى استهانة بالمرأة، وتقليلاً من قدرها، أعطوها الفرصة لتحكم وتُدير فقد تُرمم وتُصلح ما تورّط فيه الطغاة من الرجال!