خطوة تاريخيّة

خطوة تاريخيّة

خطوة تاريخيّة

الأحد 2/10/2011

 
تلقيتُ عام 2006م دعوة من الملتقى العربي في مدينة عمّان بالأردن للمشاركة في المؤتمر النسائي للبرلمانات العربية احتفالاً باليوبيل الفضي لمشاركة المرأة الأردنية في الحياة النيابيّة. وقد احترت وقتها: هل أقبل الدعوة أم أرفضها حيث أننا كمثقفات سعوديات ليس لدينا خبرات عملية في الحياة النيابيّة نتيجة للحصار الديني والاجتماعي!
 
عزمتُ أمري حينها وقدّمتُ ورقة تحمل عنوان (أتيتُ هنا لأعتذر) قلتُ في عبارة منها “لقد أتيتُ هنا لكي أصرخ وأصرخ وأصرخ، لكي يسمع الجميع صوتي، ويدركون بأن دوّامة الترف الاجتماعي، وآبار النفط التي نشأنا على خيراتها وصرامة موروثاتنا وأعرافنا، لم تلهنا عن المطالبة بحقوقنا، ولم تجعلنا نقف صاغرات خانعات. أتيتُ هنا لكي أؤكد على وجوب تمكين المرأة السعودية من المشاركة في الحياة السياسية والتأكيد على أن هذه المشاركة ستكون بوابة المرور لدعم مطالبها، وعمل إصلاحات قانونية تقوم على التشريع يُصحح وضعها ويُبرز قدراتها داخل وطنها، ويُتيح لها المجال للانخراط في كافة المجالات التي لم يزل معظمها حكراً على الرجل بما يتلاءم مع طبيعة الحياة العصرية”.
 
بين عام 2006 إلى اليوم لم يحدث سوى تغيّر إيجابي طفيف في أحوال المرأة داخل بلادي، إلى أن أصدر الملك عبد الله قراره التاريخي بفتح المجال أمام المرأة للمشاركة في الحياة النيابيّة وفي دخول المجالس البلدية اقتراعاً وترشيحاً.
 
في الحوار الذي أجراه معي الدكتور سليمان الهتلان منذ عدة أشهر في برنامجه المتميّز (حديث الخليج) قلت بأن على المرأة السعودية أن تستغل عهد الملك عبد الله لتحصل على حقوقها، وإلاّ فلن تنالها من بعده! وذلك يرجع لاحترام هذا الرجل للمرأة كأم وزوجة وأخت وابنة.
 
يسألني أحياناً البعض بنبرة عتاب.. لماذا لم تضعي سواقة المرأة ضمن أولوياتك؟! أليست سواقة المرأة للسيارة حقاً من حقوقها المدنيّة؟! بالطبع أثمّن الخطوة الجريئة التي قامت بها منال الشريف بقيادتها للسيارة مما أدّى إلى توقيفها. وأقدّر كذلك الحملة التي قامت بها أخريات على الفيسبوك لدعم قيادة المرأة للسيارة. وقد آلمني جداً حكم الجلد الذي أصدره القاضي مؤخراً في حق فتاة قادت سيارة أسرتها بأحد شوارع جدة، ولولا دعم الملك لها وإيقافه هذا الحكم لتمّ تطبيق هذه العقوبة الجائرة!
 
أؤمن دوماً بأن الطريق لانتزاع المرأة كافة حقوقها بما فيها قيادتها للسيارة يمر من بوابّة مقعدها كعضوة فعّالة بمجلس الشورى، وشرح مطالبها المتمثلة برفع وصاية ولي الأمر عنها، وتمسكها بحقها في اختيار الزوج الملائم لها من دون اشتراط موافقة ولي أمرها، وحقها في التعليم، وفي حضانة أبنائها، وكافة القضايا الأخرى المتعلقة بالشأن العام لوطنها.
 
على المثقفات السعوديات الكف عن كتابة العرائض في المرحلة المقبلة، وأن تتوقف النساء السعوديات عن العادة المستحكمة فيهن بمد أيديهن للرجال وتوكيلهن لأخذ حقوقهن! ففي كل بلدان العالم وعلى مدار التاريخ لم تحصل النساء على مرادهن وإرساء مطالبهن بمنّة من الرجل، بل من خلال رفع راية نضالهن عالياً.
 
بلا شك أن قرار الملك عبد الله سيظلُّ قراراً تنويريّاً يُحسب له، لكن الطريق أمام المرأة السعودية لم يزل محفوفاً بالمخاطر، مليئاً بالأشواك الخطرة نتيجة السلطة الدينية المتشددة التي تصرُّ على إقصاء المرأة! وسنسمع كل يوم أصوات متطرفة تُنادي بوجوب لجم المرأة! لكن العجلة لن تعود إلى الوراء، والأسد قد أصبح طليقاً وخرج من عرينه في وضح النهار، وعلى المرأة السعودية أن تزأر بصوتها بين حين وآخر حتّى يُدرك الجميع أنها غدت تملك سواعد قوية مفتولة العضلات تحمي بها حقوقها.