حكاية الإعلام الرسمي!

حكاية الإعلام الرسمي!

حكاية الإعلام الرسمي!

الأحد 13/2/2011

 
عندما تقرأ عن حرب 67 أو النكسة كما يُطلقون عليها في التاريخ المصري، ستجد أن الكثير من الناس وقتذاك تزعزعت ثقتهم في الإعلام المصري الرسمي، بسبب مجموعة الأكاذيب التي كان يُطلقها عن الانتصارات الساحقة التي حققها الجيش المصري منذ اليوم الأول في حربه على إسرائيل، ليستيقظ الشعب على هزيمة جيشه وأنه كان يعيش أكذوبة كُبرى.
 
كأن التاريخ أعاد نفسه في هذا التوقيت تحديداً، وهو ما يؤكد بأن الإعلام الرسمي في أغلبية بلداننا العربية مجرد بوق من أبواق السلطة، وأنه مُسيّس صُنع لحماية النظام القائم، بعكس الإعلام الغربي المعروف باستقلاليته، الذي يتحمّل المسؤولية كاملة في توضيح الحقائق مجردة أمام الرأي العام مهما كانت قاسية دون تنميق أو تزييف.
 
المعروف أن الإعلام من تلفاز وصحافة مكتوبة وإذاعة، هي القنوات التي تُعبّر عن نبض الشارع، وإذا انعدمت هذه الصفة منه سقطت مشروعيته أمام الجميع! وما يحزُّ في نفس المشاهد العربي استخفاف أغلب وسائل الإعلام الرسمي بعقليته والاستهانة بذكائه وفطنته ومحاولة تضليل فكره، من خلال بث أخبار مغلوطة لا وجود لها على أرض الواقع لحماية الأنظمة القائمة وليس دفاعاً عن مطالبه المشروعة!
 
ليس خافياً على أحد الأدوار الجريئة التي لعبتها الفضائيات العربية في تغطية الأحداث الملتهبة منذ اندلاع ثورة “الياسمين” في تونس ومروراً بالثورة الشبابيّة في مصر، التي أخذت تنتقل شرارتها إلى عدد من العواصم العربية الأخرى.
 
هناك من يرى بأن القنوات الفضائية العربية لم تكن جميعها على نفس القدر من المسؤولية في نقل الوقائع الجارية. فهناك قنوات كانت محايدة بالفعل في نقل الحدث. وهناك من كانت مُجاملة بعض الشيء للنظام القائم وهو ما جعلها تغضُّ الطرف عن أشياء معينة في تغطيتها! وهناك قنوات أمسكت العصا من منتصفها فمالت حيناً هنا وحيناً هناك!
 
عند اندلاع الثورة الشبابيّة التي بدأت في الخامس والعشرين من يناير، رأى الجميع كيف حاول الإعلام المصري الرسمي التقليل من شأن هذه الحركة، وهو ما دفع مذيعة قناة النيل “سها النقاش” إلى تقديم استقالتها اعتراضاً على ما تقوم به القناة من تلفيق أكاذيب أمام المشاهد المصري، ثم تلتها مجموعة من الاستقالات لمذيعات في نفس القناة بسبب رفضهن الإذعان لهذا الكم من الافتراءات!
 
كان الإعلامي المتميّز “محمود سعد” قد قام هو الآخر بطلب إجازة مفتوحة عن تقديم برنامجه بعد أن فُرضت عليه سياسة معينة، وهو ما جعله يشعر بأنه مُجبر على خيانة مهنته وإخفاء الحقيقة عن الرأي العام واضطره إلى اللجوء لهذا النوع من الحلول.
 
لا أعرف ماذا أقول! هل يُعقل في عصر الثورة المعلوماتيّة التي جعلت الجميع دون استثناء يقف تحت حرارة الشمس الحارقة، بأن هناك من يسعى إلى تضليل الرأي العام بحجة تهدئة النفوس وإيجاد مخرج مُرضٍ للجميع؟! هل الحل السحري يكمن في إلغاء برنامج أو إيقاف مذيع عن بث حلقته؟! هل مازال الإعلام العربي يصرُّ على التعامل مع الشعوب العربية بعقلية العصور الوسطى في زمن الفيسبوك والتويتر واليوتيوب؟!
 
أحيي كل مُذيع رفض أن يخون مهنته متمسكاً بحقه في توضيح الحقائق أمام الرأي العام. أشدُّ على يد كل إعلامي نزل إلى الميدان لينقل الصورة عارية كما هي من دون خدوش حتّى لا يخون ضميره ويبيع ذمته. أضمُّ صوتي لكل صوت حر يدعو إلى الحرية ويُناضل من أجل غد مشرق لكافة أوطاننا العربية.