وداعاً عام المفاجآت

وداعاً عام المفاجآت

وداعاً عام المفاجآت

الأحد 01/01/2012

 
كلمة وداع أليمة الوقع على نفوس أغلبية البشر، كونها ترتبط بمعاني الفراق للناس والأشياء الجميلة التي ألفوا وجودها في حياتهم أمداً قد يطول أو يقصر! وقد تعودتُ في نهاية كل عام أن أتأمل ذاتي، وأستكين داخل نفسي، وأفتح برويّة خزانة ذكرياتي، واسترجع المواقف التي مرّت بي خلاله. ترتسم ابتسامة صافية على وجهي وأنا أستعيد أياماً جميلة عشتها خلاله. وترتسم على محياي ملامح الحزن وأنا أتذكّر حدثاً أليماً وقع لي فيه.
 
كل العالم بلا استثناء يرى بأن عام 2011 كان عاماً مختلفاً عن سابقيه، فقد كان زاخراً بالمفاجآت السارة والمفجعة! لقد أخرج العام الذي غادرنا للتو لسانه وطيفه يتلاشى تدريجيّاً مع إشراق نهار العام الجديد، قائلاً للجميع بنبرة ساخرة.. أتحدّى أن تعيشوا من بعد رحيلي عنكم سنة مثيرة مثل سنتي، وأن تُعاصروا أحداثاً جساماً كتلك التي تخللت شهوري!
 
لو تنبأ عرّاف بأن هناك زعماء عرباً سيتم الإطاحة بأنظمتهم على أيدي شعوبهم، لاعتبرتها نكتة الموسم، فمن كان يتخيّل أن يفرّ بن علي من تونس بعد أطلق الشاب بوعزيزي شرارة الثورة فيها؟! من كان يظن أن يسقط نظام مبارك الذي جثم على أنفاس المصريين لأكثر من ثلاثة عقود، وعانوا طوال فترة حكمه من الفساد والاستبداد أن يتوارى خلف ظلال الانكسار؟! من كان يعتقد بأن القذافي ستنتهي حياته بهذه الطريقة المأساوية بعد أن تجرّع شعبه على يديه أقسى أنواع الظلم والمهانة؟! من كان يُصدّق أن يتلّقى شعبا سوريا واليمن طلقات الرصاص بصدورهما دون أن تدفعهما وحشية أنظمتهما إلى التراجع عن مطالبهما؟!
 
لقد تعودنا حتّى الماضي القريب على ترديد عبارة “لا صوت يعلو فوق صوت المعركة”! لكن العام الذي فارقنا للتو أثبت بأنه عام العبر والدروس بامتياز، وألا أحد مهما بلغت قوة جبروته قادر على الوقوف في وجه القدر! الأقدار عندما تخطُّ كلمة النهاية لا تستطيع الجيوش الجرارة تغيير المكتوب أوإيقاف المصير!
 
“الربيع العربي” الذي اجتاحت نسائمه عدد من البلدان العربية، كان أجمل حدث وقع في عام 2011، فقد أثبتت الشعوب العربية أنها قوية الإرادة وتستطيع الثورة على أنظمتها الفاسدة، وإنْ طال ليل خنوعها! فيه أرسل الشباب العربي رسالة للعالم بأسره، أنه ليس مغيّب عمّا يجري على أرضه، بل قادر على إدارة دفة أوطانه بوعي وجديّة.
 
وأنا أتصفّح مواقع الإنترنت، وألاحق عبر التلفاز الأحداث التي تخللت العام الذي ولّى إلى غير رجعة، أتساءل بفضول. هل سيحمل العام الجديد بين ذراعيه الورود والرياحين لمجتمعاتنا العربية، أم أنها ستتعرض إلى مزيد من الانتكاسات والكوارث؟!
أتمنى مع سطوع شمس العام الجديد أن تُحقق شعوبنا العربية كل ما تحلم به، فأحلام شعوبنا بسيطة تنحصر في أن يعم الأمن والاستقرار أرضها، وفي تطبيق العدالة الاجتماعية بين أفرادها، وفي نبذ الطائفية واحترام التعددية بين كافة شرائحها. أحلام شعوبنا بسيطة تنحصر في توفير لقمة نظيفة لشبابها الذين ملّوا من القعود على المقاهي، أو اختيار قرار الهجرة من أوطانهم بالإبحار ليلاً في عبّارات الموت لتُلقيهم غرقى على شواطئ غريبة! أحلام شعوبنا بسيطة تنحصر في أن يرعى شؤونها مسؤولون يُقدسون الأمانة ويحترمون المناصب التي يشغلونها. أحلام شعوبنا بسيطة تنحصر في أن يُمسك زمام السلطة في بلادها حكّام عادلون لا تحولهم الكراسي إلى ديكتاتوريين، وتُصبح مهمتهم الأساسية خرس أصوات معارضيهم!
 
أحلام شعوبنا لا تطلب المستحيل، فهل سنرى شيئاً منها على أرض الواقع مع حلول العام الجديد؟!