النساء يفعلن الكثير

النساء يفعلن الكثير

النساء يفعلن الكثير

الأحد 21/04/2012

 
اختلف المؤرخون حول “الخيزران” لدورها المؤثر في الحياة السياسية إبان الخلافة العباسية. وكانت “الخيزران” جارية جميلة ذات أصول بربرية من اليمن. بهرت نساء عصرها. واستطاعت بذكائها أن تُوقع الخليفة المهدي في غرامها حتّى تزوجها، ونجحت في أن تُقنعه بحصر الخلافة في ولديها موسى الهادي وهارون الرشيد، واستبعاد أبناء الأخريات.
 
حسب رواية الطبري، كانت “الخيزران” امرأة تعشق السلطة، وتتمتع بشخصية قوية، وينصاع لأوامرها كبار القادة. عندما تولّى ولدها الهادي كرسي الخلافة، حاول تسميمها فلم يفلح. وعندما رأى إصرارها على التدخّل في مقاليد حكمه، وتعيينها للولاة والقادة، حذّرها من مغبة ذلك، وأن كل من سيذهب إليها لكي تتوسّط له في أمر ما سيقطع رأسه وتُصادر أمواله. مهدداً إياها بالويل إن فتحت فمها بعد هذا اليوم.
 
كتب الطبري أن “الخيزران” لم تستطع بلع الإهانة، وأمرت في تلك الليلة جواريها الحسان التسلل إلى مخدع ابنها وكتم أنفاسه بالوسائد إلى أن يلفظ أنفاسه. وهو ما دفع الخليفة هارون الرشيد الذي كان يتمتّع بحصافة وذكاء بالغين، إلى غض الطرف عن شهوة أمّه للسلطة، وأعطى لها الحق بمشاركته في شؤون الحكم إلى أن ماتت.
 
هناك نساء عظيمات حفر التاريخ أسماءهن بأحرف من ذهب، ودخلن معترك الحياة السياسية بقدراتهن الشخصيّة، ووصلن إلى سدّة الحكم في أوطانهن بجدارة تاركات خلفهن إنجازات مشرّفة. وقد استمرّت هذه الأدوار الفعّالة حتّى عصرنا الحديث. فهناك السيدة (مارجريت تاتشر) التي أُطلق عليها المرأة الحديديّة. وقد تولّت رئاسة وزراء بريطانيا لمدة إحدى عشرة سنة، وتُعتبر مكانتها السياسيّة في المرتبة الثانية بعد (ونستون تشرشل) الذي قاد بريطانيا إلى النصر إبان الحرب العالمية الثانية. وهي كذلك أول سيدة بريطانيّة تصل لهذا المنصب المهم.
 
إنجيلا ميركل المستشارة الألمانية، تُعدُّ هي الأخرى أول امرأة تصل لهذا المنصب الرفيع، وحصلت على لقب أقوى النساء على مدى ثلاث سنوات متتالية. وهناك أنديرا غاندي في الهند وبنازير بوتو في باكستان، اللتان انتهت حياتهما نهاية مأساوية.
 
على الجانب الآخر هناك نماذج مخجلة للمرأة! وقد كانت (ليلى الطرابلسي) زوجة الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي والتي جاءت من بيئة متواضعة، سبباً في تفشّي الفساد وفي فتح الأبواب على مصراعيها أمام عائلتها وأقاربها لنهب ثروات بلادها.
 
سوزان ثابت نموذج مخجل ثان! فقد كان هوسها بالسلطة والأضواء سبباً مباشراً للإطاحة بحكم زوجها، وكانت إغراءات التوريث لابنها جمال هي التي قصمت ظهر البعير كما يقولون، واستطاع الشعب المصري بفضل ثورة 25 يناير القضاء على تطلعات سوزان السلطوية. لكن هذا لا يعني أن تواجد المرأة في عالم السياسة لعنة عليها وعلى كل من حولها! ومن الظلم القول بأن النساء خلف كل السقطات المروّعة للرجال!
هذه المقدمة كتبتها لقيام زوجتي كل من سفير بريطانيا وألمانيا لدى الأمم المتحدة من خلال تسجيل مصوّر، بمناشدة أسماء الأسد زوجة الرئيس السوري، أن يكون لها موقف صارم تجاه ما يحدث في وطنها، ووضع حد للعنف، وأن لا تقوم بدور المتفرّج. وقد أرفقتا الشريط بعريضة تُطالب المشاهدين بالتوقيع عليها، يتضمّن محتواها مطالبة أسماء الأسد بالسعي لوقف إراقة دماء أهلها.
 
لا أعرف ردّة فعل أسماء الأسد على شريط التسجيل! لكنني أتمنى أن تترك هذه السيدة بصمة مميزة بجانب النساء العظيمات اللواتي كان لهن دور ناصع في تاريخ شعوبهن، وأن لا يقتصر دورها كزوجة مخلصة تقف بجانب زوجها ظالماً أو مظلوماً، وإنما أن يمتدّ دورها لتكون أمّاً حقيقيّة وتحافظ على أرواح شعبها.