انتبه… هناك مطب!

انتبه… هناك مطب!

انتبه… هناك مطب!

الأحد 05/02/2012

 
قضت محكمة مصرية بحبس الممثل الكوميدي الشهير “عادل إمام” ثلاثة أشهر وتغريمه ألف جنيه مصري، بعد إدانته بالسخرية من الإسلام، ومن أصحاب اللحى في عدد من أعماله السينمائيّة والمسرحيّة المعروفة. هكذا نُشر نص الخبر.
 
كان أحد المحامين المعروفين بعلاقته ببعض الجماعات الإسلاميّة، قد قام برفع القضية ضد إمام بتهمة الإساءة إلى الإسلام، وذلك بالإشارة تحديداً إلى فيلمه (مرجان أحمد مرجان) الذي لاقى عند عرضه نجاحاً جماهيريّاً كبيراً داخل مصر وبقية الدول العربيّة، إلى جانب مسرحيته الشهيرة (الزعيم)، التي لم تزل تُعرض لحد اليوم على مسرح إمام الخاص
الفنان عادل إمام البالغ من العمر 73 عاماً قرر الطعن في الحكم الصادر في حقه. وسواء نجح في إلغائه أو فشل في ذلك، إلا أن مضمون هذا الحكم يبعث رسالة إلى كل فنان مصري مفادها وجوب الانتباه والاحتراس من اختراق المناطق المحرمة، باستخدام سلاح فنه، وإنْ كانت نيته سليمة! وعدم تسليط الضوء على الجماعات الإسلاميّة أو التحدّث عن سلبياتهم، خاصة مع صعود التيار الإسلامي وسيطرة الإسلاميين على الحكم.
 
شاهدتُ فيلم (مرجان أحمد مرجان) وغرقت في ضحك متواصل، واستشفيّتُ من خلال أحداث الفيلم نقداً لاذعاً لبعض الأغنياء الذين يستغلون ثراءهم الفاحش ومكانتهم الاجتماعية في الوصول لما يريدون بأسلوب كوميدي ساخر!
 
مسرحية (الزعيم) شاهدتها منذ أكثر من عقدين، ومازالت راسخة في فكري كونها تتحدّث عن الحاكم الديكتاتوري، وقد ظلّت صامدة حتى الآن، رغم الإسفاف والسطحيّة الطاغيين حاليّاً على المناخ الفني المسرحي بمصر مقارنة بالخمسينيات والستينيات من القرن الماضي حين كانت مسارح مصر قبلة للناظرين. وكانت بها مسارح لا تقل جودة عمّا يُعرض في مسارح أوروبا، وقف عليها في ذلك الوقت أهم عمالقة المسرح، وقدّم فيها مسرح يوسف وهبي ومسرح نجيب الريحاني، وعادل خيري ومن بعدهم المدبولي، وفؤاد المهندس تراثاً مسرحيّاً رفيعاً لم يزل يعيش بيننا رغم عقود على رحيل أصحابه.
 
عندما أشاهد بين حين وآخر أفلام “هند رستم” مارلين مونرو الشرق كما كانوا يُطلقون عليها، أتساءل إن كانت تستطيع تقديم هذه النوعية من الأدوار الجريئة لو جاءت في العصر الحالي الذي ضاقت فيه الحريات العامة والخاصة، وتراجع فيه النتاج الفكري، وارتفع المد الديني المتطرّف على حساب الإسلام الوسطي الآخذ في التلاشي تدريجيّاً!
 
جميعنا ضد المساس بشريعتنا، وعدم خدش حياء مجتمعاتنا، لكن هناك شعرة خفيّة بين التعرّض بقصد وبهدف رخيص إلى المجتمع، وبين أن يسعى الفنان بنبل إلى إصلاح مجتمعه بغرس أظافره في تربته ليُخرج منها الآفات الضارة! لذا الفن الراقي يحتاج على الدوام إلى مناخ صحّي وهواء نقي خالٍ من شوائب القمع كي يُقدّم مبدعوه أفضل ما عندهم.
 
عدد من فناني مصر بدؤوا يُعبّرون عبر وسائل الإعلام عن تخوّفهم على مستقبل الفن في مصر! هل لهذا الهاجس مبرراته أم أنه مبالغ فيه؟! أرى بأن هذا التخوّف له جانبان، سلبي وإيجابي، فكلما كان المناخ السياسي مضطرباً والوضع الاقتصادي متدنيّاً في المجتمع، كان ذلك حافزاً قويّاً لاستفزاز قريحة الفنان ليقدّم أفضل ما عنده، وهو ما ينطبق أيضاً على بقية الفنون من أدب وشعر.
 
كم أتمنى أن تلتفت الجماعات الإسلامية في الدول العربية التي وصلت للحكم فيها، لمعالجة قضايا مجتمعها الأساسية وتترك الفنون لأهلها، فأهل مكة أدرى بشعابها كما يقولون في أمثالنا الشعبيّة.