حوارات صحفية 2011

حوارات صحفية 2011

﴿صحيفة الوفد – المصرية ﴾
ثقافة وأدب
الأديبة السعودية زينب حفني: لا أؤُمن بالأدب الإصلاحي

21 يونيو 2011
أجرى الحوار
( نورهان عبدالله)

 
تطرقت بأعمالها الأدبية للحديث عن سلبيات المجتمع السعودي وتوغلت إلى الحديث عن الإزدواجية التي يمر بها المثقف عند التعامل مع المرأة العربية. دافعت عن حريتها التي قادتها إلى الغربة داخل نفسها لعدم قدرتها على التعايش مع كم المحظورات التي تحيط بالمرأة السعودية.
إنها الكاتبة والروائية السعودية زينب حفني التي دائما ما تثير الجدل بأعمالها الأدبية
لما تؤُمن به من حرية في الإبداع الأدبي؛ وكان لبوابة الوفد هذا الحوار معها للتعرف على شخصيتها المثيرة للجدل دائما وتقيمها لحرية الإبداع الأدبي والفكري في البلاد العربية.
 

هل الحرية مرتبطة بالإبداع الأدبي ؟

 
أحيان كثيرة يكون القمع والاضطهاد حافزا قويّا للمبدع في تسخير قلمه للثورة على واقعه ومحاولة لتغيير مجتمعه؛ ولو راجعتِ ما سطّره المبدعون على مدى الأزمنة الماضية سنجد أنهم صوّروا حياة الإنسان المقهور، وأظهروا المناخ الاجتماعي الذي كانوا يعيشون فيه من خلال قصصهم ورواياتهم، بأقلام ينزُّ منها الألم وتفوح منها المرارة.
 

ما هي الأسباب التي دفعت الكاتبات إلى ارتداء ثوب الجرأة ؟ وهل كبت المجتمع السعودي للمرأة هو سبب نشوء التمرد والجرأة؟

 
بدون شك المرأة في كافة مجتمعات الدنيا هي التي علّمت الرجل معنى التحضّر من خلال تقليم أظافره البدائيّة!! والمرأة كذلك هي من غرست في فكر الرجل مبادئ السلام وحببته في المدنية كونها بحكم طبيعتها الأنثوية محبة للاستقرار والالتصاق بالأرض وبناء الأسرة، لذا فالرجل يدين للمرأة بالكثير.
لكن المرأة لم تنس تنكّر الرجل من كل هذه المنح بمحاولاته الدائمة على مر العصور في تدجينها حتّى لا تتمرد عليه وتضيع رجولته على يديها، كما أن هاجس القلق الذي يتملكه من أن المرأة تُريد السيطرة على مقدرات حياته. كل هذا الأسباب دفعت الأديبة السعودية اليوم إلى استلال قلمها والمطالبة بكف الرجل عن العبث بمقدرات حياتها باسم الدين والشريعة وسد الذرائع.
 

الإبداع يُمارس كل تناقضات البشر

 

قلتِ في إحدى ندواتك إن الكتابة فعل فاضح والأدب عمل لا أخلاقي لماذا استخدمت هذا الوصف؟

 
لا أؤمن بالأدب الإصلاحي؛ والنصائح الدينيّة مكانها منابر المساجد حينما يُنادي أئمة المساجد من خلال خطب الجمعة على وعظ الناس وإرشادهم وتذكيرهم بمزايا الجنة وأهوال يوم القيامة؛ الإبداع الحقيقي هو الذي يخرج حافيا إلى الطرقات ويتسكّع في الأزقة الخلفية ويُمارس كل تناقضات البشر من خير وشر وصواب وخطأ، لذا قلتُ أن الكتابة عمل فاضح كون صاحبها لا يهمه القيل والقال بل همّه ممارسة حريته أمام الملأ.
 

رواياتك بداية من “نساء خط الاستواء” و”لم أبك” و”سيقان ملتوية” و”ملامح” دارت جميعها في موضوع واحد وهو الجنس. برأيك هل المجتمعات العربية وخاصة السعودية تعاني من تلك المشكلة فقط؟ ولماذا حصرتِ نفسك في هذا الموضوع فقط؟

 
هذا اتهام جائر وبخس بنتاجي الأدبي؛ لقد تطرّقت لإزدواجية المثقف العربي عند تعامله مع المرأة العربية في روايتي “لم أعد أبكي”؛ وتحدّثت عن ضياع الهوية وصراع الثقافات في روايتي “سيقان ملتوية”.
وفي رواية “ملامح” كتبت عن سلطة المال وماذا تفعل بالنفس البشرية، وفي روايتي الأخيرة “وسادة لحبّك” تطرّقت لقضية المذهبية؛ هذا الاتهام حصرني فيه عدد من النقاد السعوديين بسبب مجموعتي القصصية “نساء عند خط الاستواء” التي كتبتها في بداياتي، وأعترف صادقة بأنها كانت تصبُّ مباشرة في علاقة المرأة بالرجل، رغم هذا كلهم أبنائي ولا أتحيّز لواحدة على حساب أخرى.
 

ماهو مفهوم الحرية عند الروائية زينب حفني؟

 
أتعبتني الحرية كثيرا !.. هذه الكلمة الساحرة التي وقعتُ في عشقها منذ سنوات عمري الأولى؛ ليس هناك أصعب من أن تؤمن المبدعة بالحرية وفي أعماقها تترعرع بذرة التمرّد، وتحيا في مجتمع مكبّل بالموروثات العقيمة؛ لقد جعلني هذا المناخ القاتم أشعر بأنني غير قادرة على الصراخ كون صوتي عورة به مس من الشيطان!.
 

*هل ستتغير الرقابة على الأعمال الأدبية داخل المجتمع السعودي ؟

 
أتمنى حقيقة أن تتعامل الرقابة مع الإبداع السعودي كما تتعامل مع الإبداع المستورد من الخارج؛ فإذا ذهبنا إلى أي مكتبة عامة داخل السعودية سنجد كافة مؤلفات باولو كويليو موجودة؛ وأذكر هذا الروائي تحديدا لجرأة أفكاره؛ وهو ما يعني بأن جنسية الأديب أو الأديبة السعودية لها دخل مباشر في محاصرة إبداعه وطرده خارج حدود بلاده حتّى يتوب عن غيّه ويعود لصوابه.
 

تعرية المجتمع السعودي

 

لماذا يعتبر النقاد ما تكتبه زينب حفني هو تعرية للمجتمع السعودي ؟

 
أغلبية النقاد السعوديين يعتقدون بأنني حسرت الغطاء عن وجه مجتمعي ليراه القاصي والداني مما جعلهم ينظرون لأدبي على أنه أدب فضائحي وهذا من وجهة نظري ليس عيبا أو خرقا لقانون البشر؛ لكن على الجانب الآخر أعترف بأن الكثير من النقاد العرب أنصفوني في كتاباتهم وينظرون بإعجاب إلى أدبي.
 

كيف تحصل المرأة العربية على حريتها؟ هل تفعل كما فعلت ِ أنتِ وتُهاجر للدول الغربية كي تسترد حريتها التي سلبها منها المجتمع العربي ؟

 
هاجرتُ فترة خارج وطني؛ لكن الوطن مثل بصمتك في الحياة من الصعب أن تنسلخين عنها.
أنا أعيش الآن في جدة لكن ما زلتُ أشعر بغربة داخل نفسي لعدم قدرتي على التعايش مع هذا الكم من المحظورات التي تحيط بالمرأة منذ لحظة استيقاظها صباحا من النوم حتّى اللحظة التي تدسُّ جسدها في فراشها ليلا وكله بحجة حمايتها من ذئاب الطريق، وغربة النفس كما نعرف أشدُّ ألما من غربة الوطن كونها تلتصق بجلدك وتؤرّق ليلك.
 

هل تعتقدين أن رواياتك وكتاباتك غيّرت شيئاً في المجتمع التي خرجتِ منه؟

 
نعم هناك جيلا كاملا من الأديبات الشابات مشين على نهجي الأدبي، وهذا يُسعدني كثيرا؛ ليس هناك أصعب على الأديب من أن يكون بحيرة راكدة لا تُحرّك سطح مجتمعه.
لذا فأنا مثل الشلال القوي الذي تسمعين هديره طوال الوقت وقد ساهم أدبي بلا شك في أن يكون وثيقة تاريخيّة أدبية تعكس حال مجتمعي من الداخل.
 

النساء العربيات يحملن عقدا!

 

قلتِ إن الكتابة حررتك من عقدك النفسية. هل المرأة السعودية تعاني من عقد نفسية ؟ ولماذا ؟

 
ليست المرأة السعودية وحدها من تحمل عقدا نفسيّة، بل كافة النساء العربيات يحملن عقدا وإن تفاوتت النسبة حسب نظرة مجتمعاتهن للمرأة.
نحن نحمل في دواخلنا إرثا عقيما من التقاليد والعادات التي تبجّل الرجل وتحتفي به طوال الوقت وتضعه في المقدمة؛ كما لا ننس أن التاريخ كتبه مؤرخون رجال حاولوا بكل جهدهم طمس تاريخ المرأة العربية والاستهانة بدورها الذي قامت به في تطوير عجلة التاريخ، حتّى يظلُّ الرجل العربي صاحب الفضل عليها في كل زمان ومكان.
 

ما هي العوامل التي تركت بداخلك أثراً كي تخرج أعمالك بهذا الشكل؟ وماذا عن مشوارك الصحفي هل أضاف لإبداعاتك شيئاً ؟

 
خُلقت امرأة لا تعرف الفواصل ولا تؤمن بالحدود؛ نصفي المصري الذي ينتمي إلى أمي الضاربة جذورها في أعماق الريف المصري، وأبي بإرثه الحجازي المتنوّع الروافد خلقا مني امرأة استثنائية.
وهو ما جعلني أسطّر بقلمي كل ما يدور من أحداث دامية داخل مجتمعي بعفوية صادقة؛ إضافة إلى عالم الصحافة الذي فتح أمامي آفاقا واسعة وأثرى ثقافتي من خلال التحقيقات الصحافية الميدانية التي كنتُ أقوم بها في بداياتي واحتكاكي بشرائح مختلفة من الناس.
 

أثر الثورات على تحرير العقول

 

برأيك..هل الثورات التي تحدث الآن ستحرر عقول المجتمعات العربية كما حررت المجتمعات الغربية ؟

 
الثورة شيء عظيم إذا قامت على رفض الظلم والاستبداد والمطالبة بتحقيق العدالة الاجتماعية على أرض الواقع؛ ومجتمعاتنا العربية لن تتحرر بنصب شعار الثورة في مياديننا ووضعه على أسطح بناياتنا بل بالمحافظة على مبادئ الثورة، وهنا يأتي دور النخب من المثقفين الأحرار والأحزاب المتعددة النزيهة الأهداف في حماية المجتمع من الانزلاق نحو هوّة الفوضى.
 

وما أوجه الاختلاف بين الأدب في مصر والسعودية رغم وجود رقابة عليهم في كلا البلدين؟

 
بلا شك أن مصر كانت النبع الفياض الذي استقى منه كافة المبدعين العرب؛ وقد تأثرت في بداياتي بالأديب نجيب محفوظ، وتشيكوف العرب يوسف إدريس، وبالأديب إحسان عبد القدوس وغيرهم من الأدباء العظام في مصر.
لكن أعيب على المؤسسة الثقافية المصرية اليوم انغلاقها على ذاتها؛ فهي لا تهتم بإقامة جسور من التواصل المعرفي بين الأديب المصري وبين الأديب العربي وهذا قصور يجب أن تتم معالجته بالحرص على مشاركة الأديب العربي في الملتقيات والندوات التي تُقام داخل مصر.
 

رغم ما تتمتع به الكاتبة أحلام مستغانمي من جرأة في الكتابة إلا أن المجتمع تقبل تلك الكتابات فما الفارق بينكما ؟

 
الفرق بيننا جليّ فلو كنتُ كاتبة أحمل جنسية عربية أخرى لما وقع لي ما وقع.
مشكلتنا داخل السعودية أننا نتعامل مع قضايانا بحذر ورهبة وتوجّس وهذا خطأ كبير، فنحن لسنا مجتمعا ملائكيّا وهمومنا كمجتمعات عربية متقاربة المنشأ والولادة.
 

ما هي المواضيع التي ستتناولينها في أعمالك القادمة ؟

 
أنا مشغولة الآن بكتابة الجزء الثاني من روايتي “وسادة لحبَّك” فقضية السنة والشيعة قضية شائكة ولدي قناعة بأنها تحتاج إلى المزيد من الاسترسال،وأتمنى أن تحظى بالنجاح الذي حققه الجزء الأول.
 
***
 

﴿جريدة دار الحياة الدولية﴾
الأديبة السعودية زينب حفني: حصار الكاتبة السعودية جعلها تصر على كسر القيود … والتحدّث بشفافية

4 سبتمبر 2011
أجرى الحوار
( محمد عويس)

 
كدت الكاتبة السعودية زينب حفني أن الأدب النسائي العربي أسهم في الحراك الاجتماعي، لذا فهو يُعتبر أدباً ثورياً بامتياز، فاليأس والإحباط والرغبة الصادقة في التغيير، كما تقول، دفع الأديبة إلى سلك طُرق غير آمنة محفوفة بالمخاطر، مما جعل أدب المرأة العربية انعكاس لأحوال مجتمعها لتميزه بالصدق الأدبي، مشيرة إلى أن من يقرأ أدبها يستطيع أن يخرج بهذه القناعة.
 
لكن حفني تعترف أن الإبداع النسائي السعودي قد بدأ متأخراً نتيجة الرقابة الاجتماعية الصارمة، وتشير إلى أن الأديبة السعودية تأثرت في بداياتها مثل الأدباء من رجال وطنها بالأدب القصصي والروائي العالمي، الذي قام على يد تشيكوف وإرنست همنغواي وفرجينيا وولف وغيرهم.
 
ثم في مرحلة لاحقة بالقاص العبقري تشيكوف العرب يوسف إدريس والأديب النوبلي العظيم نجيب محفوظ ويحيى حقي وفتحي غانم وغيرهم.
 
نالت روايتها «لم أعد أبكي» عام 2003 استحسان الكثيرين، إذ طرحت من خلالها ازدواجية المثقف العربي في تعامله مع المرأة. في روايتها «ملامح» عام 2006 ورغم أحداثها المأساويّة إلا أنها لفتت انتباه كثير من النقاد العرب وتناولوها في دراساتهم التي تتحدّث عن الإبداع النسائي العربي.
 
أمّا روايتها الأخيرة «وسادة لِحُبّك» 2011 فقد تناولت قضية مذهبية حساسة تتمثّل في علاقة الحب التي ربطت بطلة الرواية (فاطمة) السنيّة المذهب بالبطل الرجل الممثّل في شخصية (جعفر) الشيعي المذهب. وقد تُرجمت بعض قصص زينب حفني القصيرة إلى اللغة الإنكليزية والفرنسية والهولندية وقريباً ستصدر روايتها «ملامح» مترجمة إلى اللغة الإنكليزية. «الحياة» التقت زينب حفني فكان هذا الحوار:
 

حينما تغرق زينب حفني في أحلام يقظتها إلى أين تذهب؟

 
أتخيّل نفسي أسير في نفق طويل مظلم، حاملة بيدي شعلة يشعُّ منها ضوء قوي، لأجد نفسي مع طول المشي تنهدُّ قواي ويخفت ضوء الشعلة حتّى تنطفئ تماماً وتعود الظلمة تُحيط بي من الاتجاهات كافة.
 
أوقن لحظتها بأن كل الأشياء مصيرها يوما إلى زوال وأن أهم شيء في الحياة ألا يعيش الإنسان على هامشها ثمّ يموت نكرة لا يلتفتُ إليها أحد. لذا فأنا أعتبر نفسي من البشر المحظوظين كوني لم أعشْ حياة راكدة بل عشتُ حياة عاصفة وإن تخللتها أنهار من الدموع. نهاية الأمر أترك أمر مقاضاتي للتاريخ فهو الحكَم المنصف.
 

في رأيك أين تكمن مهارة الروائي الحقيقي؟

 
دوماً أردد بأن الروائي الحقيقي ماهر في اختراق خصوصيات الآخرين. وأن الفرق بينه وبين الإنسان العادي يكمن في قدرته الفائقة على خلق عالم خيالي.
 
لكن هذا العالم لا ينبثق من فراغ وإنما من تلك الأرض التي ترعرع فيها، والتي وقع أسير حبّها دون أن يدري! لذا فهو يغار عليها من أي سلبيات عفنة تنفذ لخياشيمه! متوعداً في لحظة نزق وهو ممسك بقلمه، أن يفضح ما يلمسه بيديه ويراه بعينيه ويسمعه بأذنيه، وفي قول ما لا يستطيع أن يُجاهر به عامة الناس!
 

شخصية نسوية أعجبتك، وتأثرت بها؟

 
عندما بدأت في قراءة «ألف ليلة وليلة» مع بداية تشكّل مراهقتي، عشقت شهرزاد التي يعود لها الفضل في تعليم المرأة فن الحكي، بهرتني هذه المرأة بذكائها ودهائها وقدرتها على التملّص من سيف مسرور الجلاّد، سرحتُ ليال طويلة في حكاياتها التي لا تنتهي، وكيف نجحت في جذب شهريار إلى عوالمها المدهشة ووقف هوس الرغبة في أعماقه لقتل كل أنثى. تأثري وإعجابي بشهرزاد التي لم أرها يوما بأمِّ عينيَّ، والتي تعلّقتُ بها في فكري، هي التي دفعتني إلى المخاطرة والإقدام على مغامرات فادحة العواقب، والولوج إلى مناطق خطرة دون أن ترتجف جفوني أو أحسَّ برهبة الخوف من المجهول!! ليالٍ طويلة تقلّبتُ فيها على فراشي عاجزة عن وضع إجابات مقنعة لمئات الأسئلة المنهمرة في مساحة فكري الصغير!! كنتُ أسأل نفسي: هل من الممكن في المستقبل أن أصبح شهرزاد عصرية وأتملّص من تبعات أفعالي؟! هل في استطاعتي إتقان شيء من مميزاتها؟! هل أملك القدرة على أن أكون حكّاءة عظيمة مثلها ويُشيد الناس بإمكاناتي ويهتفون بإنجازاتي؟! قررتُ في لحظة مباغتة أن أضع قلبي على يدي وأسير على هديها، وأن أسجّل بقلمي ما يمر من أمامي، وأسطّر على الورق كل ما يعترض طريقي، على رغم الأخطار المتربصة بي، والتحذيرات التي لقّنوها عليَّ في صغري، وكتلة التقاليد والعادات الصارمة التي ترعرعت فيها داخل مجتمعي.
 

نود إلقاء الضوء على مشوار الأدب النسائي في السعودية؟

 
بدأت الرواية النسائية السعودية تحديداً على يد الأديبة سميرة خاشقجي بروايتها «ودّعتُ آمالي» التي صدرت عام 1958.
 
وكانت روايتها «بريق عينيك» عام 1963 هي من فتح الباب أمام الأديبات السعوديات الأوائل للتحرر من عباءة التقاليد والعادات. ثم انفرطت السبحة وتكررت المحاولات على يد غيرها من الأديبات اللواتي انحصر نتاجهن في الاحتفاء بالجسد، وفي إطار علاقة المرأة بالرجل، وفي الدعوة إلى التمرّد على السلطة الأبوّيّة، وهو ما يعني أن الأديبة السعودية ظلّت أمداً ليس بالقصير قضاياها وهمومها الشخصية المحور الأساسي في أدبها.
 

المُلفت أن الإنتاج الروائي لم يزل يُنشر خارج السعودية مع أنَّ المتلقّي الأساسي هو القارئ المحلي. ما تعليقك على ذلك؟

 
هاجرت الأقلام النسائية خارج وطنها نتيجة الحصار الفكري المتشدد المفروض على صوت المرأة بالداخل، ما زادها إصراراً على كسر القيود والتحدّث بشفافية عن واقعها، والاستمرار في المطالبة بإلغاء سلطة ولي الأمر عليها.
 
لكن هذا لا ينفِ بأن هناك إلى اليوم داخل السعودية شاعرات وروائيات يكتبن بأسماء مستعارة إمّا توجساً من ردود أفعال مجتمعهن، وإما خوفاً من مواقف أسرهن المحافظة، كما فعلت مؤلفة رواية (الآخرون) التي كتبت تحت اسم مستعار (صبا الحرز). وكما توارت صاحبة رواية (الأوبة) خلف اسم (وردة عبدالملك). وكما فعلت صاحبة رواية (القِرانُ المُقدّس) بالتخفّي وراء اسم (طيف الحلّاج).
 

تنقلت مابين كتابة الرواية والمجموعة القصصية والشعر، ما وقع فعل الكتابة على زينب حفني؟

 
قلتُ مراراً إن الكتابة حررتني من عُقدي، فالمرأة العربية تحمل مجموعة من الموروثات العقيمة التي جعلتها تكبت أحلامها وتطلعاتها حتّى لا تُتهم بأنها امرأة مستهترة جاحدة لا تعرف الوفاء وتنقض العهد بسهولة، وأنها تُريد السطو في وضح النهار على حقوق الرجل صاحب الفضل عليها والساهر على حمايتها طوال الليل حتّى لا تلتهمها ذئاب الطريق! لذا في اعتقادي أنه ليس هناك أحلى من أن تُمارس المرأة العربية كل ما ترغب فيه وتودُّ في أعماقها التمرّد عليه بتجربته في حريّة مطلقة على الورق، كونها واثقة بأنه لا يُوجد قاضٍ مهما بلغت مهارته على محاكمتها أمام الملأ، أو يستطيع رقيب متعصّب الرؤية تحجيم تطلعاتها وتبديد أحلامها!!
 

ما نشاطاتك الأخرى بجانب ممارستك لعملك الإبداعي؟

 
بدأت رحلتي مع القلم بالولوج من بوّابة الصحافة. قدّمت في مستهل حياتي العديد من التحقيقات الصحفية إلى أن دفعتني أمواج الأدب نحو شواطئها الساحرة. تنقلتُ بين عديد من الصحف المحلية وكتبت في بعض المجلات العربية.
 
وكان لي بصفحات الرأي في صحيفة «الشرق الأوسط» الدولية على مدى خمس سنوات مقال أسبوعي طرحتُ من خلاله كل ما يهم القارئ العربي. انتهى بي المطاف اليوم إلى مقال أسبوعي بصحيفة «الاتحاد الإماراتية». هذا إلى جانب مشاركاتي الدائمة في ندوات ومؤتمرات عربية ودولية يُطرح فيها هموم الإنسان العربي بما فيها مناقشة مشكلات المرأة العربية.
 

ماذا عن مشاريعك المستقبلية؟

 
أنا منغمسة الآن في كتابة الجزء الثاني من روايتي «وسادة لحبّك» فقضية المذهبية الدينيّة تشغل بالي كثيراً وأرغب في التعمّق في تفاصيلها أكثر، آملة أن تحوز هي الأخرى على إعجاب قرّائي. كما أرغب في خوض تجربة كتابة قصص قصيرة جداً، إذ استهواني أخيراً هذا النوع من الأدب
 
***