الرجل “المستضعف” والمرأة المستأسدة!

الرجل “المستضعف” والمرأة المستأسدة!

الرجل “المستضعف” والمرأة المستأسدة!

الأحد 8/7/2007

 
أينما ولّى المرء وجهه، يجد أن المرأة أصبحت حاضرة في كافة وسائل الإعلام، ونالت برامج عديدة شهرة واسعة من خلال تركيزها على ما يجري داخل البيوت وبين الأزواج، مثل برنامج دكتور “فيل” الشهير، وبرنامج “أوبرا وينفري” اللذان يستحوذان على اهتمام المشاهدين والمشاهدات داخل أميركا وفي أرجاء أخرى من العالم بما فيها عالمنا العربي. وأضحى الرجال في مجالسهم يتندرون بأن هناك موضة جديدة بدأت تنتشر بالمجتمعات العربية في السنوات الأخيرة بطلتها المرأة العربية، وهو ما أدّى إلى تأسيس برامج كثيرة مستقاة فكرتها من البرامج الغربية بصبغة عربية، تُلقي الضوء على مشاكل المرأة، وتُناقش قضاياها، وتُركّز على حقوقها الشرعية والمدنية.
مقابل هذه البرامج، تشكّلت برامج وجمعيات رجالية تُدافع عن آدم وحقوقه، آخذة على عاتقها التصدّي للهجمة الشرسة التي يتعرّض لها الجنس الخشن مثل جمعية “المستضعفون في الأرض” في مصر، وقد برر القائمون عليها تشكيلهم لهذه الجمعيات، أن أغلبية الرجال غدوا ضعفاء، مجرد ديكور في الأسرة “لا يهشون ولا ينشون”، دورهم ينصب فقط في استخدام الواحد منهم كماكينة صرف آلية، وأن هذا يعود إلى القوانين الجائرة التي تُصدر كل يوم لصالح المرأة، والتي جعلتها، من وجهة نظرهم المخلوق الأقوى في الأسرة!.
بين مصر التي علّق الأزهر موافقته على تولي المرأة المصرية منصب القضاء في القضايا الكبرى، والسماح لها بالفصل في القضايا الأسرية فقط، وما فيها من رسائل ضمنية تؤكد التشكيك في قدراتها الذهنية!إلى الكويت التي صدر مؤخراً قرار من مجلس الأمة، بتحديد فترة عمل المرأة من السابعة صباحاً إلى الثامنة مساء، مما عزز الوصاية الفكرية على المرأة، ورسّخ الفكرة القديمة الرائجة بوجوب حمايتها طوال الوقت من الكلاب الضالة! وانتهاء بالسعودية التي ما زالت المرأة السعودية البطلة الفعلية لأغلبية المساجلات الفكرية التي تزخر بها الساحة الاجتماعية، والتي كان آخرها وضع حل جذري وسريع لمشكلة البطالة المتفشية بين النساء، بفتح المجال أمامهن للعمل كخادمات في البيوت! وهو ما دفعني للتساؤل… أين هذه المزايا التي جعلت المرأة العربية تستأسد على الرجل، حتّى هبَّ بعض الرجال الغيورين على رجولتهم إلى إنشاء جمعيات تُطالب بحقوقهم المهدورة على أيدي النساء العربيات؟!.
 
منذ فترة قرأتُ مقالاً جميلاً للكاتب منير عامر، يتحدثُ فيه عن صديقة له، تعمل طبيبة، متخصصة في علاج العلاقات الزوجية نفسيّاً وجنسيّاً، وقد ذكر بأنه قد حُكم على صديقته بالسجن عدة سنوات بعد أن رفع عليها أحد مرضاها قضية يتهمها فيها بأنها أساءت استخدامه عاطفيّاً وجسديّاً، وقد دوّنت هذه الطبيبة تجربتها في كتاب، فتقول ( عندما يدخل الرجل إلى المنزل الذي يشهد قصة زواجه من المرأة التي اختارها، يعرف أنه قد وقع في الفخ، فالزوجة التي كانت رقيقة ناعمة قبل الزواج، صارت الآن تحمل على لسانها قائمة بمسؤوليات “الرجولة” بدءاً من التدليل إلى شراء كل ما تطلب. وحين يُصاب الرجل بانهيار تصحبه زوجته إلى عيادتي ككيس زبالة وتطلب مني أن أكتشف في داخله رجلها المفقود!).
هل المرأة بالفعل إنسانة مستغلة لطاقات الرجل؟! أم أنها باتت لا تُدرك ماذا تُريد منه؟! هل أصبح الرجل والمرأة في مفترق طرق؟! هل بالفعل المرأة العربية تُريد رجلا “مستضعفاً” لا يُجادل ولا يُمانع، مجرد ممول فعلي يضع في إصبعه خاتم سليمان لكي يُحقق مطالبها ويُشبع تطلعاتها؟!.
المرأة مظلومة بالتأكيد من كل هذه الإدعاءات المتعسفة التي يُطلقها الرجل هنا وهناك لكي يستحوذ على كل شيء، لكن هذا لا يعني عدم وجود نسوة مستهترات بأزواجهن وأبنائهن وبحياتهن الزوجية، لكنني أرفض تعميم المسائل، فليس هناك شيء في الدنيا يؤدي إلى تدمير الروابط، وإلى هشاشة في العلاقات الإنسانية، قدر تعميم الرؤى الحياتية!.
 
العلاقة بين الرجل والمرأة أبسط من كل هذه الدعاوى والخناقات، وسيل الاتهامات المتبادلة، فالمرأة لا تُريد سوى حياة مستقرة، عمادها التفاهم، والثقة والعطاء المتبادلين، وإفساح المجال أمامها لكي تثبت مكانتها وتُحقق ذاتها داخل مجتمعها، لا برفع شعارات الوصايا في وجهها، والحجر على إنسانيتها.