نعم… النساء قادمات!!

نعم… النساء قادمات!!

نعم… النساء قادمات!!

الأحد 9/9/2007

 
هل ستحكم النساء العالم في المستقبل القريب كما يتنبأ بعضهم؟! هل هنَّ بالفعل قادرات على قيادة مجتمعاتهن؟! لماذا يُشكك أغلبية الرجال في قدرات المرأة؟! ألم تقعد العديد من النساء على العروش في مختلف الأزمنة والأمكنة؟! ألا تحفل كتب التاريخ بالكثير من الصور المضيئة لنساء حكمن بلادهن، وكانت من أزهى العصور؟! مَنْ وراء تقهقر أدوار المرأة العربية في العصر الحالي، مقارنة بحضورها الملفت في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي؟! لماذا مشاركة المرأة العربية سياسيّاً ما زالت هشّة، مقارنة بنظيرتها الغربية التي غدت متواجدة بقوة على الساحة السياسية العالمية؟! هل التبعات الحاصلة تتحمّل المرأة مسؤوليتها في الأول والأخير، أم يعود إلى إيمان أغلبية المجتمعات العربية والإسلامية المطلق، بمعتقدات دينية مشكوك في صحتها، أو مُحرّف مضمونها، والذي عزز المناخ الفكري المتطرف المنادي بتقييد خطوات المرأة؟! هل يرجع الأمر إلى عقدة ذكوريّة كامنة في عقلية الفرد العربي، التي تنظر للمرأة نظرة دونية في إطار ضيق، أم أن الأمر يتعلق بالتربية الأسرية التي يتلقاها الأبناء الذكور في حجور أمهاتهم، على أن المرأة مخلوق مهيض الجناحين، لا يملك القدرة على التحليق وحده في أفضية الحياة؟!.
 
أُعلنت مؤخراً قائمة عن أقوى مائة امرأة في العالم، وقد تصدرتها المستشارة الألمانية “أنجيلا ميركل” للعام الثاني على التوالي. وكانت من ضمنها كذلك السيناتور “هيلاري كلينتون” التي تسعى جاهدة للوصول إلى تولي رئاسة الولايات المتحدة الأميركية، لتُصبح لو نجحت أول سيدة تصل لهذا المنصب. وللمرة الأولى في تاريخ دولة كبيرة كالهند، تصل امرأة في العقد السابع من عمرها إلى سدة الحكم. كما أن رئيسة وزراء باكستان السابقة “بنازير بوتو” أعلنت عن عودتها المرتقبة إلى وطنها باكستان، بالرغم من قنبلة التطرّف التي انفجرت في السنوات الأخيرة بتربة باكستان!.
 
هذا الحضور الملفت للمرأة في أرجاء متفرقة من العالم، وتصدّر المرأة واجهة السياسة في عدد من الدول الإسلامية، دفع الكثيرين في عالمنا العربي إلى التململ، وهذا راجع إلى تهيبهم من أن تلمس نسائمها وجوه النساء العربيات، وتفتح شهيتهن في الوصول إلى الصفوف الأولى وينجحن في قيادة مجتمعاتهن.
 
كنتُ قد قرأتُ كتاباً ممتعاً يحمل عنوان ” أثر الثقافة الشرقية على المرأة والرجل” للباحث “جهاد علاونة”، يؤكد فيه أن استتباب السلام على الأرض قروناً طويلة يعود الفضل فيه للنساء، كون المرأة تمثل السلام حيث قادت العالم خمسة وثلاثين ألف عام قبل الميلاد، ولم يقع طوال تلك العصور بطش أو ظلم أو استعباد، على أساس أن قيم الاستبداد، ومفاهيم الحرب، من صنيعة عقليات ذكوريّة.
 
في رأي “علاونة” أن المرأة قريباً ستأخذ من الرجل كافة امتيازاته، وإن نجاح المرأة في قيادة العالم سيؤدى إلى انتشار السلام. ويقترح بأن على العالم إذا ملَّ من السلام، وشعر برغبته في التغيير، والخروج من أجواء الركود، أن يتسلّم القيادة مرة أخرى من المرأة. بمعنى أدق هو يريد أن يقول إن الرجال يصنعون الحرب، والنساء يصنعن السلام.
 
يقول أحد الحكماء “إن من لم يعشق امرأة، لا يمكن أن يعشق أرضا”. ألا يعني هذا أن المرأة تحمل في أحشائها سر الحياة، وأن منها يشع الأمان والدفء؟! لا أرغب في تعزيز الرأي الشائع بأن المرأة عاطفتها تتحكم فيها، وهو ما يبرره بعض المغرضين والمتطرفين لسلب المرأة حقها في المشاركة السياسية! للأسف مجتمعاتنا العربية ما زالت تُصرُّ على التغابي، بل وتغضّ الطرف عن الانجازات التي حققتها المرأة العربية في التاريخ القديم والحديث. فهل الرجل بالفعل يُشكك في قدرات المرأة من منبع قناعاته التي تربى عليها، أم أنه يتعمّد ذلك لكي ينتقم للسنوات الطويلة التي قبعَ فيها تحت إمرتها؟! هل رغبة الرجل الدفينة في الاقتصاص من المرأة التي ضحكت عليه قرونا طويلة وأقنعته بأنها منبع الخصوبة والإنجاب، واكتشافه بالصدفة أنه يُشاركها هذا الانجاز الخلاّق، السر في وقوفه اليوم أمامها؟!.
 
نسي الرجل الذي يتحسّر على زعامته، التي تُسحب اليوم من بين يديه شيئاً فشيئاً، أن المرأة هي من قلّم أظافره وقاده إلى المدنية بعد أن كان يهيم على وجهه في العراء، كون المرأة بطبيعتها الأنثوية أميل إلى حب الاستقرار وبناء الأسرة. فلماذا رفع شعار الرفض واستخدام لغة الإنكار لكل ما قدمته المرأة للبشرية؟! ألا يحتاج الأمر إلى وقفة عادلة من الرجل؟.