الفقراء لا يعرفون دافوس!!

الفقراء لا يعرفون دافوس!!

الفقراء لا يعرفون دافوس!!

الجمعة 2/2/2007

 
قيل: “الجوع ألد أعداء الكرامة”. في كل أرجاء الدنيا هناك مئات من الأمثلة والأقاويل تتحدث عن الفقر والفقراء، حتّى في المواويل الشعبية، هناك آهات وجع بألسنة المعوزين والمحتاجين. وكافة الصحف العالمية تُعلن تضامنها مع المحتاجين بالصوت والصورة،دون أن تلقى تعاطفاً فعلياً حقيقياً من قبل المجتمعات،لإخراج الفقراء من نفق العوز والفاقة.
 
في مجتمعاتنا العربية، هناك إنجازات ضئيلة متناثرة هنا وهناك، مقارنة بمشاهير وأغنياء العالم الغربي، حيثُ نجد نماذج كثيرة مضيئة، تشعر بمتعة العطاء مثل متعة الأخذ تماماً، يأتي في مقدمة هؤلاء “بيل غيتس”، الذي تُقدّر ثروته بخمسين ملياراً، مقرراً التفرّغ لإدارة مؤسسته الخيرية التي أنشأها حديثاً، والتي تُعد الأكبر في العالم بتخصيصه جزءاً كبيراً من ثروته لمواجهة القضايا التعليمية والصحية في الدول الفقيرة. والإعلامية الأكثر شهرة في العالم “أوبرا ونيفري”، التي تربت في بيئة فقيرة، وذاقت معنى الحرمان، وقيامها مؤخراً بالتبّرع بجزء من ثروتها مع مجموعة من المتبرعين، لتأسيس مدرسة في جنوب أفريقيا، لتعليم الفتيات اللواتي لا تقدر أسرهن على تحمّل نفقات تعليمهن.
 
لو سُئل أي فقير في العالم عن دافوس، لأجاب بعفوية.. ما هو؟! هل هو اسم شخص، أم مدينة، أم هو اسم فاكهة جديدة من المعالجة وراثيّاً؟! فالفقراء لا يفكرون إلا بتأمين قوت يومهم، وتوفير مسكن آمن لأبنائهم، لا يعنيهم إن اجتمع كبار الساسة وأباطرة المال، في منتجع دافوس، أو مددوا أجسادهم على رمال شواطئ هاواي يستمتعون بشمسها، وإنما يهمهم أن يسمعوا بآذانهم أن هناك انفراجاً لأزمتهم، وتعهّداً بتحقيق مطالبهم الحياتية البسيطة.
 
الذين اجتمعوا في منتدى دافوس، لا أعتقد أنهم وضعوا أيديهم على مربط الفرس كما يقولون، فالقضايا الإنسانية في كثير من بقاع العالم مهمشة، وهو ما يستوجب مناقشة تطبيق مبادئ العدالة الاجتماعية على أرض الواقع، خاصة مع ارتفاع نسب البطالة، وانتشار تجارة الرقيق الأبيض، وتدنّي الدخل المعيشي للفرد، التي لم تستثنِ حتّى بلداناً عربية غنية، بسبب غياب الديمقراطية على أرضها، وتفشّي الفساد المالي والإداري، واستحواذ حكوماتها على نصيب الأسد من الغنائم والثروات الضخمة، دون أن تخضع للمساءلة القانونية، تاركة شعوبها تأكل الفتات، وتتخبط داخل دائرة العوز والحاجة!.
 
يُقال “ياما في الجراب يا حاوي”، فهل تطرّق الذين قدموا من كل بقاع الأرض، إلى عواقب التطرّف الفكري، الذي يُعيق الانفتاح الاقتصادي، أو لمّحوا للتمييز العنصري الواقع على المرأة، الذي يحرمها حقها الطبيعي في المشاركة في التنمية العامة في وطنها، أو بحثوا في غيرها من الأمور المخجلة التي تجري علناً، أم أن لغة المصالح غدت هي المسيطرة في دنيا السياسة والمال!.