النساء لا يُخطئن!

النساء لا يُخطئن!

النساء لا يُخطئن!

الأحد 6/6/2010

 
عبارة “روح المريخ إذا تقدر!” التي نُوجهها لشخص كنوع من التعجيز، ستُصبح خلال العقود القادمة في خبر كان، بعد أن قررت موسكو القيام برحلة إلى هذا الكوكب لاكتشاف مدى صلاحيته لعيش البشر عليه. وكما أنكبَّ الناس في الغرب على شراء أراض على القمر بعد أن حطَّ الإنسان قدميه عليه، سيهرولون لحجز قطعة أرض على المريخ بعد أن ضاقوا بمشاكل الأرض، وذعرهم من قيامها بين حين وآخر بالتنفيس عن غضبها في شكل زلازل وبراكين وأخطار بيئيّة تُهدد سلامتهم
 
إنه الحلم، والرغبة في قشع المجهول، وتغيير الواقع، والتشبث بحب البقاء، هي التي تدفع الناس إلى المغامرة!! وفي وسط هذه المفاجآت التي تطلُّ علينا، ما زالت النظرية القديمة حول علاقة الرجل والمرأة تُسيطر على حياتنا الاجتماعية. من الذي أتى أولا الدجاجة أم البيضة؟! من المُخطئ ومن المصيب، الرجل أم المرأة؟! من الجاني ومن المجني عليه؟! من المستبد ومن الضعيف؟! وكما أن هناك جمعيات حقوقيّة كثيرة تُنادي بإرساء حقوق المرأة، أخذت تظهر في السنوات الأخيرة وعلى استحياء جمعيات تُطالب بحماية الرجل من سطوة المرأة.
 
في الصين بمنطقة شوانج تشياو، أنشئت في قرية لونجشويهو “مدينة للنساء”، شعارها “النساء لا يخطئن أبداً وعلى الرجال السمع والطاعة”. وهي أول مدينة تُنشئ في العالم بأسره تكون الغلبة فيها للنساء.
 
هذه المدينة ستُصبح سيّاحية بالدرجة الأولى، وسيكون للسائحات الكلمة العليا في كل شيء، بدءا من التسوّق إلى اختيار مكان الإقامة، وإذا اعترض الزوج أو الصديق تتم ُمعاقبته بالركوع على طريق غير ممهدة، أو تغسيل الأطباق في أي مطعم!!
 
عند مراقبتي لمشاهد مُعينة تحضر في فكري على الدوام الأغنية الشهيرة للمطربة أم كلثوم ” أبوس القدم وابدي الندم على غلطتي في حق الغنم!”، فهي بالفعل تتوافق كلماتها مع شكل العلاقة بين الرجل والمرأة، وإن كنتُ أرى بأن المرأة تستخدمها بكثرة كي تستمر الحياة بينها وبين رفيق الدرب كونها الكائن الأضعف اجتماعيّا!
 
هذا لا يعني بأن المرأة كائن هش، بل هي في الواقع على العكس من ذلك! فالمرأة في أعماقها تمتاز بقوة وصلابة وقدرة فائقة على احتمال الآلام والصبر على المصائب، ولكن زمرة الأعراف والتقاليد وتزوير التاريخ لصالح الرجل، قيّد حركة المرأة وحطَّ من مكانتها وحشرها في زاوية ضيقة تنتهي على الأغلب في الحكم للرجل.
 
زمرة الصفات التي تتحلّى بها المرأة دفعتني إلى التساؤل.. هل المرأة بحاجة فعلاً إلى مدينة تكون فيها السلطة مُطلقة لها؟! هل المرأة في أعماقها تحنُّ بالفعل إلى رجل ضعيف تُمارس عليه ساديتها؟! أعتقد بأن هذا يتنافى مع طبيعتها! فكل امرأة سويّة مهما بلغت ثقتها بنفسها، ونجحت في أن تكون لها شخصيتها المستقلّة، بحاجة إلى رجل قوي تستند إليه وتضع رأسها على كتفه لتشعر بالأمان.
 
العلاقة بين الرجل والمرأة لا تقوم على من الذي سيُمارس دور الفريسة ومن الذي سيكون الصيّاد!! العلاقة الحقيقيّة تقوم على مبدأ التوازن الجميل في الأخذ والعطاء. وأعترف صراحة بأن المنظر المتكرر الذي نُشاهده في الأفلام الهوليوديّة حين يركع الرجل أمام المرأة طالبا منها الزواج، يستهويني لأنه يُعبّر عن مدى تشبّث الرجل بهذه المرأة ومقدار حبه ورغبته في أن يُسلّم لها قلبه ومستقبله.
 
مدينة للنساء بدون رجولة مملة، ومدينة للرجال بدون أنوثة بالتأكيد قاتلة. المرأة شجرة وارفة، والرجل مهما حلّق بعيدا يتطلّع إلى بناء عش دافئ في أحضانها.