منصّة “سوق عكاظ”!!

منصّة “سوق عكاظ”!!

منصّة “سوق عكاظ”!!

الأحد 17/10/2010

 
تعرّفتُ منذ سنوات في واحدة من الملتقيات الثقافية العربية على الثنائي الجميل المكوّن من الشاعرة زينب الأعوج والروائي واسيني الأعرج. وقد قامت وقتها الصديقة زينب بدعوتي للمشاركة في ندوة حواريّة حول أدب المرأة في منطقة الخليج العربي بالمركز الثقافي الفرنسي بالجزائر، وتخللت الزيارة دعوة على العشاء من قبل هذين الزوجين الرائعين بمطعم جزائري صغير يُقدّم أطباقاً شهيّة مصحوبة بأغانٍ تراثيّة جزائريّة على نغمات العود الشرقي.
 

هناك أشخاص من الصعب أن يُمحوا من ذاكرتك وتظل صورهم عالقة في ذهنك. وهذا الثنائي بثقافته وبساطته وقوة شخصيته يدفعك بدون أن تدري إلى التمسك بعبق صداقته إلى ما شاء الله. وقد بعثت لي الصديقة زينب منذ أشهر قليلة ديوانها الأخير “مرثية لقارئ بغداد”، الذي تُعبّر قصائده عن عروبة صاحبته.
 
حضرت الصديقة زينب في خاطري وأنا أقرأ الموقف الذي تعرّضت له أثناء إلقائها قصائدها في مهرجان “سوق عكاظ” الذي أقيم مؤخراً بمدينة الطائف وحضره أكثر من عشرين ألف زائر، حيث استجابت لرغبة القائمين على المهرجان بعدم الصعود لمنصّة المسرح، وقراءة قصائدها من مكانها بين مقاعد الحاضرات.
 
الشاعرة المتميّزة “بديعة كشغري” المشاركة السعودية الوحيدة في المهرجان استفزها هذا المطلب، وحفّزت الصديقة زينب على رفض هذا الأمر الغريب! فجاء رد زينب مُقنعاً بقولها: “هذا دورك فأنتِ ابنة البلد وأنا مجرد ضيفة يجب عليّ أن احترم تقاليد وعادات المجتمع السعودي”.
 
أعرف زينب جيداً، وأعلم كم هذه المرأة جسورة وصلبة الإرادة وأم وزوجة مثالية. ومع احترامي للشاعرة الكشغري وللسعوديات الحاضرات من صحفيات ومثقفات، إلا أنني حقيقة لا أدري لماذا يجب أن ننتظر من غيرنا الدفاع عنّا في أمور تخصنا وتُعتبر حقاً من حقوقنا كسعوديات ؟!
 
لو كنتُ حاضرة هناك! للملمتُ أوراقي وحملتُ حقيبتي وانسحبتُ فوراً من القاعة وأنا رافعة رأسي، كي تتحوّل الندوة إلى فضيحة مدويّة أمام هذا الحشد الهائل الذي أتى من كل حدب وصوب ليستمع لقصائد عربية لا تعرف التمييز! وكي أسجّل اعتراضاً ناصعاً شديد اللهجة أمام كاميرات المصورين وتحت أنظار الإعلاميين والضيوف المتواجدين، بأننا نسوة قادرات على رفع الصوت احتجاجاً على هذه المعاملة المهينة التي يتم التعامل بها مع المرأة، وإن كانت مثقفة راشدة واعية بلغت شهرتها الآفاق.
 
للأسف كل هذا يحدث في الوقت الذي تتهم فيه منظمة “هيومان رايتس”، الحكومة السعودية بعدم وفائها بالتزاماتها وتعهداتها الخاصة بوضع حد لنظام الوصاية المتعسّف المعمول به داخل السعودية، واستمرار تطبيق “ولاية الأمر” على المرأة الراشدة وهو ما جعل مسلسل حقوقها المسلوبة قائما إلى اليوم!
 
قصص مأساوية كثيرة تقع تحت أسقف البيوت السعودية ضحيتها الرئيسيّة المرأة! وكم من فتيات في مقتبل العمر اضطررن للهرب من أسرهن بسبب عدم قدرتهن اتخاذ قرارات مصيريّة فيما يخص مستقبلهن. وهو ما يؤكد بأن المرأة السعودية لم تزل يداها مغلولتين باسم الوصاية الشرعيّة! وبسبب النظرة الرجعية الضيقة والمشاعة بأنها مخلوق أرعن يجب التضييق على حرّيته طوال الوقت!
 
إن التغيير لن يحدث ببث همومنا عبر سلسلة من المقالات اليوميّة! ولن يقع بفضل الفتات الذي يُلقيه إلينا رجال الدين من حين لآخر! ولن يتغيّر الواقع بمعجزة من السماء كون زمن المعجزات قد ولّى! أرى بأن الأوان قد حان لأن تضع المثقفات السعوديات أيديهن في أيدي بعضهن، والقيام بانتفاضة حقيقيّة لتصحيح أوضاعهن الاجتماعيّة المزرية والقائمة منذ عقود طويلة باسم الدين والأعراف والتقاليد؟!