“أشتات أشتوت”… والعتب مرفوع!

“أشتات أشتوت”… والعتب مرفوع!

“أشتات أشتوت”… والعتب مرفوع!

الأحد 24/10/2010

 
خبر قرأته واعتقدت بأنه قد يكون نكتة الموسم! الخبر يقول بأن قاضي محكمة المدينة المنوّرة المتورّط في قضايا فساد كبيرة، أكّد بأنه بريء من كل التهم المنسوبة إليه لأنه مسحور! وقد شهد أحد من ممارسي الرقية الشرعيّة أمام القاضي أنه بالفعل قد استنطق الجني الذي تلبّس هذا القاضي، وقد تمّت هذه الجلسة بحضور أعضاء لجنة السحر في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر!
 
انتهى نص الخبر! وجدتُ نفسي أصرخ مرددة العبارة المصرية الشهيرة “غطّيني يا صفيّة وصوّتي”! كونها فكرة جهنميّة للإفلات من العقاب لكل من يرتكب جرماً في حق وطنه أو مجتمعه أو أسرته أو حتّى في حق نفسه! اكتشفتُ أننا أخيراً وجدنا حجة دامغة “ما تخرّش الميّة” نقدمها لأميركا، لنثبت لها أنها ظلمتنا وافترت علينا حين أشارت نحونا بإصبع الاتهام، بأن مجموعة من قومنا هي من قامت بتفجير البرجين العالميين! والحقيقة أنها مظلومة كونها كانت تحت تأثير “جان متطرفين” ورّطوها بدون أن تعلم في هذه الفعلة النكراء التي لطّخت سمعتنا في العالم بأسره، وجعلت أبناء جلدتنا من المهاجرين العرب والمسلمين يدفعون ثمنها لحد اليوم!

 

يا ناس… والله حرام هذا الذي يجري! لقد سمعتُ كثيراً عن حيل اللصوص، وعن مهارة المحامين في جلب البراءة لموكليهم من أصعب القضايا رغم توفّر الأدلة والشهود، ولكنني لأول مرّة اسمع عن هذه الحيلة التي تنمُّ عن دهاء ودراية واسعة بعقليّة المواطن العربي المسكين الذي سلّم نفسه طواعية لبعض رجال الدين المتطرفين، ليعبثوا بعقله ويُصدّق ما يقولونه له، ويحركونه صوب الناحية التي يريدونها كما تتحرّك الدمى على مسرح العرائس!
 
كنتُ اسمع أمي في صغري تُردد عبارة “ما شيطان إلاّ بني آدم”! ولم أفقه معناها إلاّ بعد أن كبرت وصادفتُ أناساً لا يُجاريهم الشيطان في أفعالهم الدنيئة! تربّت عندها قناعة في أعماقي بأنَّ الجنّي الذي أحضر عرش الملكة بلقيس في طرفة عين للملك سليمان، لو شاهد ما يجري في زمننا لشعر بالغيظ وأحسَّ بالمهانة وقلّة الحيلة، كون هناك بين بني البشر من تفوّق عليه في الفهلوة والشطارة وخفّة اليد!
 
لا تتفاءلوا كثيراً يا أهل جدة! فالمسؤولون الحقيقيون المتورطون في كارثة سيول جدة لم يتم إيقاع عقوبة السجن عليهم أو استرداد الأموال التي نهبوها بدون وجه حق لحد الآن! والخوف أن يأتي كل واحد منهم وقت إجراء التحقيق معه بجنّي ليتم إيقاع العقوبة عليه بدلاً عنه. وأجد نفسي أقتبس اسم مسرحية “حزّمني يا..” للراقصة “فيفي عبده” التي لاقت نجاحاً ساحقاً وقت عرضها، لتُصبح “حزّمني يا جنّي وأسرق عنّي” ما دام هناك قضاة أصبحوا منبعاً للفساد بدلًا من أن ينحصر دورهم في إشاعة العدل وحفظ حقوق الناس.
 
ذكرتُ لصديقة لي أن روايتي التي ستصدر قريبا، تتضمّن أحداثاً حقيقيّة عن كارثة جدّة التي وقعت في مثل هذه الأيام من العام الماضي. علّقت قائلة.. لماذا لا تنتظرين قليلاً؟! هناك جزء ثانٍ من مسلسل الرعب سيبدأ بثّه قريبا مع قرب فصل الشتاء وحلول موسم الأمطار! فكل شيء لم يزل على حاله، وحوادث الموت والدمار تمَّ تقييدها ضد مجهول!
 
الفساد ليس حكراً على أحد في المنطقة العربية! وأغلبية بلداننا العربية الفساد متوّغل في أرضها حتّى غدا عادة مستحكمة في معاملات الناس اليوميّة! وسيبقى قائماً في مجتمعاتنا إلى ما شاء الله وحتّى إشعار آخر، وعلى المتضرر اللجوء إلى القضاء! عذراً أي قضاء!