مئوية تايتانيك

مئوية تايتانيك

مئوية تايتانيك

الأحد 14/04/2012

 
غرق الباخرة “تايتانيك” لم يزل إلى اليوم حاضراً في ذاكرة الكثيرين من الناس. لكن هذه القصة المأساويّة عادت مؤخراً إلى الواجهة بسبب مرور مئة عام على كارثة الغرق. ومن المعروف أن السفينة التي كانت تحمل صفة (السفينة التي لا تغرق) قد أبحرت للمرة الأولى والأخيرة من ميناء “كوين ستون” البريطاني عبر المحيط الأطلسي، في اتجاه مدينة نيويورك بالولايات المتحدة الأميركيّة، وغرقت في مثل هذا اليوم ليلة الرابع عشر من أبريل عام 1912م بعد اصطدامها بجبل جليدي ضخم.
 
قامت مجموعة أطلقت على نفسها (حتى لا ننسى تايتانيك) بمناسبة الذكرى المئوية الأولى لغرقها، في إطلاق سفينتين واحدة خرجت من بريطانيا والأخرى من نيويورك، في اتجاه البقعة التي ترقد في أعماقها بقايا تايتاينك، للتعلّم من هذه التجربة القاسية وللتذكير بالضحايا الذين ماتوا في ذلك اليوم حسب ما أعلنت في حملتها الدعائية.
 
هناك من انتقد سعر التذكرة التي وصلت إلى خمسة آلاف دولار للفرد الواحد ثم تقلّص سعرها عند الأيام الأخيرة لإقلاعهما إلى الألف دولار، لكن شغف البعض بكل ما يتعلّق بالماضي وأسراره، جعلتهم لا يضنون بمالهم من أجل المشاركة في إحياء هذه المناسبة الأليمة.
 
من منّا لا يعرف المخرج العبقري الكندي الأصل الأميركي الجنسية “جيمس كاميرون”؟ هذا الرجل الذي قدّم لنا رائعته الخالدة المتجسدة في فيلمه”تايتانيك” منذ ما يُقارب الخمس عشرة سنة، محققاً حينها عند عرضه إيرادات خياليّة وصلت إلى 1.8 مليار دولار، بجانب حصول فيلمه وقتها على أكبر عدد من الجوائز الأكاديمية.
 
المخرج جيمس كاميرون لم يُضيّع الفرصة، وقام هو الآخر بعرض فيلمه تايتانيك للمرة الثانية بنسخة ثلاثية الأبعاد في دور العرض الإنجليزية والأميركيّة محققاً إيرادات جيدة. وأتذكر جيداً أنني شاهدتُ هذا الفيلم عند عرضه لأول مرة في إحدى دور السينما بلندن، وشاهدته بعدها مرّات عديدة على قنوات الأفلام، وفي كل مرّة أستمتع بمشاهدة أحداثه المشوقة، وتدمع عيناي عند مشهد موت البطل وهو ممسك بيد حبيبته.
 
كثير من الناس وأنا منهم، يميلون إلى سماع ومشاهدة القصص الرومانسية، وأرى بأن جزءاً كبيراً من نجاح فيلم تايتانيك يعود إلى قصة الحب الأسطوريّة التي جمعت بين حبيبين من طبقتين اجتماعيتين مختلفتين، وقد جسّدت الممثلة البريطانية (كيت وينسلت) والممثل الأميركي الموهوب (ليوناردو ديكابريو) دورهما بإتقان كبير رغم حداثة سنّهما وقلة خبرتهما في ذلك الوقت.
 
من المعروف أن كاميرون اعتمد في تفاصيل الأحداث التي دارت على سطح الباخرة تايتانيك قبل غرقها، على أربعين صفحة من مذكرات الصحفية (هيلين شرشل كاندي) التي كتبتها أثناء رحلتها القصيرة، وعن قصة حبّها التي بدأت على متن تلك السفينة. والطريف في الأمر أن “هيلين” حين أبحرت بها السفينة كانت تبلغ من العمر 53 عاماً، وفضّل كاميرون على جعلها شابة في مقتبل العمر، كي يتفاعل الجمهور مع قصة الحب الجميلة التي لم تكتمل فصولها على أرض الواقع.
 
أشياء كثيرة تحدث في حياتنا لم نتوقعها يوماً! وكذلك أمور كثيرة تقع من حولنا لم نخطط لها، ولم نضع لها خطوطاً رئيسية! لكن الحياة بين حين وآخر تقوم بإرسال رسائل نصيّة، قد تكون قاتمة في بعض الأحيان، ومفعمة بالسخرية في أحيان أخرى، وزاخرة بالتفاؤل في أحيانٍ ثالثة، لكنها في النهاية تقول لنا بنبرة واثقة.. احلموا كما تريدون لكن طريق الأحلام ليس شرطاً أن يُوصل كل البشر إلى بر الأمان!